عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 4″

الدكروري يكتب عن عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 4″

ونكمل الجزء الرابع مع عماد المجتمع ونواتة الصلبة، أليس هذا وحده دال على المسؤولية الفردية للإنسان، في أي بيئة وفي أي مجتمع وجد، وحتى لو سار وراء صاحبه وهو يظن أنه يحسن صنعا فإن ذلك لا يعفيه أمام الله عز وجل، أرأيتم هذا القطيع الهائل الذي يسير وراء مشايخ أهل الضلال والخرافة، أو وراء غيرهم من أصحاب البدع والانحراف والضلال، كم يظن أولئك أنهم يحسنون صنعا؟ وكم يظن هؤلاء أن أسيادهم وعلماءهم وأئمتهم يقودونهم إلى الطريق المستقيم الذي لا طريق سواه، إنهم ممن قال الله تعالى فيهم “قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا” لنأخذ مثالا من السيرة يجلي لنا هذه الصورة تجلية واضحة، فحين نقض بنو قريظة العهد في غزوة الأحزاب.

سار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر الله سبحانه وتعالى حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه فحكم عليهم سعد رضي الله عنه أن تقتل مقاتلتهم وأن تسبى ذراريهم، فكانوا يكشفون عن عوراتهم فمن وجدوه قد أنبت قتلوه، فهل قتل ذاك الشاب الذي لايزال في العقد الثاني من عمره ظلما؟ كلا لم يقتل ظلما وقد شهد عليه الصلاة والسلام على هذا الحكم بأنه حكم الله من فوق سبع سماوات، إن هذا الشاب ولد في بيئة تربيه على الكفر والضلال، أبوه يهودي وأمه يهودية، وسائر أقاربه وجيرانه كذلك، ومع ذلك فهو يتحمل المسؤولية عن نفسه، كان عليه أن يبحث عن طريق الهداية والنجاة، وعن طريق الحق والخير، وما كان ربك ليظلم أحدا سبحانه وتعالى وهو أحكم الحاكمين، فإذا كان هذا الشاب الذي عاش في هذا المجتمع الغارق في الانحراف والغواية.

تمارس تجاهه كل وسائل التضليل، وتطمس عليه الحقائق وتصور له بغير صورها، ومع ذلك لم يكن معذورا فغيره من باب أولى، وإن من معالم التربية هو الاهتمام بوقت الشاب وهي مهمة جدا، فغن العطل الصيفية تذهب كثيرا على أطفالنا وعلى شبابنا بلا برنامج، لا حفظ قرآن، لا تعليم، إنما همهم الأكل والشرب، وفي السكك والشوارع، فتنتهي العطلة الصيفية ولا حفظ جزءا ولا حديثا، أو طالع بابا أو استفاد فائدة أو تأدب أدبا، هذا ليس بصحيح ولا بفائد ولذلك تكثر الإيذاءات من الشباب الفارغين والأطفال المتفلتين، وليس في الإسلام، وكذلك مما يجب الاهتمام به هو السعي لتجنيب الأطفال من القرناء السوء فإنهم يهدمون ما يبنيه الوالدان في سنوات, والمرء على دين خليله, وكل قرين بالمقارن يقتدي, وليس أضر على الطفل من صاحب السوء.

حيث حذر النبي صلى الله عليه وسلم من جليس السوء بقوله “مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير, فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة, ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة” متفق عليه، وقال بن حبان “فالواجب على العاقل أن يجتنب أهل الريب, لئلا يكون مريبا, فكما صحبة الأخيار تورث الخير, كذلك صحبة الأشرار تورث الشر ” وكذلك فإن بعض الآباء لا يعرف إلا معاني القسوة والغلظة في معاملته مع أبناءه , فإذا دخل بيته قام الجالس واعتدل القاعد واستيقظ النائم وسكت الضاحك وقطب الباسم، ولا يعرف غير السوط أو العصا لغة للتفاهم, فمثل هذا لا يُنتظر من أولاده سوى الجفاء والعقوق، وثانيا هو الحساب الفردي يوم القيامة.

وإن من لوازم المسؤولية الفردية أن كل إنسان سوف يحاسب يوم القيامة حسابا فرديا، فقال الله عز وجل “واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون” وفي آية أخرى يقول عز وجل “إن كل من في السموات والأرض إلا ءاتي الرحمن عبدا، لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا” فكل إنسان سيقدم على الله فردا وحيدا، وسيحاسب محاسبة فردية، فلابد أن يتحمل مسؤولية نفسه في تربية نفسه وتزكيتها وقيادتها إلى طريق الخير والاستقامة، وقال صلى الله عليه وسلم”ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر تلقاء وجهه فيرى النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة”