الدكروري يكتب عن عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 7″
ونكمل الجزء السابع مع عماد المجتمع ونواتة الصلبة، ومع ذلك لا ينسى حظ نفسه، فيعتني بتربية نفسه وتعليمها وإصلاحها، وإن الصلة بالله عز وجل هي من أهم الجوانب وآكدها، فكل مابعده إنما هو ثمرة ونتيجة له، وإن من وسائل تحقيق ذلك هو عناية الإنسان بالفرائض واجتناب المعاصي، ومحاسبة النفس على ذلك ومبادرتها بالعلاج حين التقصير، وبعد ذلك استزادته من النوافل كنوافل الصلاة، ونوافل الصدقة والصيام والتلاوة والذكر، الجانب الثاني هو العلم الشرعي ووسائل تحصيله فإنه لا تخفى علينا إما من خلال الدراسة النظامية، أو من خلال مجالس العلم وحلقاته المقامة في المساجد، أو من خلال الأنشطة الشبابية حيث تقام فيها دروس علمية وحلقات علمية، أو من جانب البحث الفردي الذي يبذله صاحبه، من خلال القراءة والإطلاع.
أو من خلال الاستماع للأشرطة العلمية والدروس العلمية وأيضا الجانب الثالث وهو التربية على العمل، فإن الإنسان في حياته الخاصة حين يريد إتقان نشاط أو حرفة معينة، كالسباحة، أو قيادة السيارة، على سبيل المثال، حين يريد ذلك فإنه لايقتصر على الجانب النظري، وعلى سؤال من يجيدونها، بل يعتني بالتدريب والممارسة، والمهارات الدعوية كذلك فهي تتقن من خلال التدريب والممارسة، وإن القراءة والمطالعة هي أيضا عنصر مهم من عناصر التربية الذاتية، فأنت تقرأ في كتب الرقائق ما يرقق قلبك ويزيل قسوته، وتقرأ في كتب الأخلاق والآداب ما يصلح سلوكك، وتقرأ في كتب أهل العلم مايزيدك علما، وتقرأ في تراجم العلماء مايزيدك حماسة للعلم والدعوة والبذل لدين الله عز وجل، والقراءة تنمي أفق الإنسان، وتفكيره، وتزيد من قدرته على حل المشكلات.
فالقراءة تنمي كافة الجوانب وإن كان يتبادر إلى الذهن أنها قاصرة على الجانب العلمي وحده، وإذا تكلمنا عن الزوجة التي ستقوم بالتربية، فإن من صفات إختيار الزوجة الصالحة هي الزوجة الودود، وهي أن تكون ودودا، تقبل على زوجها، فتحيطه بالمودة والحب والرعاية، وتحرص على طاعته ومرضاته، ليتحقّق بها، لإن الهدف الأساسي من الزواج وهو السكن، فقال تعالى في وصف الحور العين كما جاء في سورة الواقعة” فجعلناهن أبكارا، عربا أترابا” والعروب هي المرأة المتحببة إلى زوجها الودودة، وقد وردت أحاديث عديدة تؤكد على ضرورة مراعاة هذه الصفة في المرأة، فعن معقل بن يسار، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.
“نساء قريش خير نساء ركبن الإبل أحناه على طفل في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده” وفي رواية أخري “خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش” فقد وصفهن صلى الله عليه وسلم بالشفقة على أطفالهن، والرأفة بهم والعطف عليهم، وبأنهن يراعين حال أزواجهن، ويرفقن بهم ويخففن الكلف عنهم، فواحدتهن تحفظ مال زوجها وتصونه بالأمانة والبعد عن التبذير، وإذا افتقر كانت عونا له وسندا، لا عدوا وخصما، وعن أبي أذينة الصدفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “خير نسائكم الودود الولود، المواتية، المواسية، إذا اتقين الله” وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها، وهي لا تستغني عنه” والمرأة الودود تكون مطيعة لزوجها، لا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي النساءِ خير؟ قال “التي تسرّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره” والودود هي المرأة التي يُعهد منها، التودد إلى زوجها، والتحبّب إليه، وبذل ما بوسعها من أجل مرضاته، لذا تكون معروفةً باعتدال المزاج، وهدوء الأعصاب، بعيدة عن الانحرافات النفسية والعصبية، تقدر على الحنو على ولدها، ورعاية حق زوجها، أما إذا لم تكن المرأة كذلك، كثر نشوزها، وترفعت على زوجها، وصعب قيادها لشراسة خلقها، مما يفسد الحياة الزوجية بل ويدمرها، بعد استحالة تحقق السكن النفسي والروحي للزواج بسببها، أن تكون بكرا، لتكون المحبة بينهما أقوى والصلة أوثق، إذ البكر مجبولة على الأنس بأول أَليف لها، وهذا يحمي الأسرة من كثير مما يُنغص عليها عيشها.