عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 9″

الدكروري يكتب عن عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 9″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 9″

ونكمل الجزء التاسع مع عماد المجتمع ونواتة الصلبة، وفي هذه الفترة بالذات والتحدث هنا عن فترة الشباب الباكر وكيف يتدرب الإنسان على الأخوة إذا لم يمارس الأخوة بمشاعرها؟ مع الإخوة الذين يربطهم به هذا الرباط؟ كيف يتدرب على التعاون إذا لم يقم بهذا الفعل مع أفراد آخرين؟ كيف يتعود أن يؤثر على نفسه إذا لم يكن هناك إلا نفسه؟ إن الوجود في الجماعة هو الذي ينمي هذه المشاعر وهذه الألوان من السلوك، والشاب الذي يعيش في عزلة عن الآخرين وإن حاول أن يستقيم على المنهج السليم تنمو بعض جوانب نفسه وتظل جوانب أخرى ضامرة لأنها لا تعمل” فيا أيها الزوج، لقد تقدمت لخطبتها من بيت كانت فيه مدللة وسط إخوتها، فلا تظن أنها بحاجة لطعام أو ملبس فقط، فلا تجعلهما كل ما تقدمه لها، بل ارفقهما بالحب والاحترام حتى لا تترك شعور الندم.

يتسلل إلى قلبها لأنها قبلتك، والأيام تلح عليها بسؤال مفاده هل كنت جائعة في بيت أبي ليفعل بي هذا؟ فيا أيها الزوج، ليس من المروءة في شيء أن تذيب وجودها لتعيش أنت كما يحلو لك، ولا تنسي أن لديها أحبابا تتمنى رؤيتهم، وهم من كانوا سببا في قَبولها إياك، فلا تمنعها عنهم، فيا أيها الزوج، كلما وهبتها حبا، سكبت في آنيتك سعادة لا تنتهي، فكن سيدها وستجدها شهرزادك دائما، فيا من تحملت لأجلك الكثير، هلا أعطيتها من وقتك القليل؟ لا تجعل قدوتك كل تافه وساقط، وليكن قدوتك نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، فقد عاش مع السيدة عائشة أم المؤمنين أعظم وأطهر قصة حب وهي زوجته، فلا تظن الحب يأتيك من خارج بيتك وما أحلّ الله لك، بل لا حب سوى لامرأة هي لك وحدك، وليست لبضاعة رخيصة معروضة على طرقات المارين، فيا أيها الزوج.

إن أكرمتها فأنت تكرم نفسك، فهي تحمل اسمك، وإن أسعدتها فأنت تغمر بيتك بعبير السكينة والهدوء والسعادة، تنتظرك لتقوم بخدمتك، فهل انتظرتها بعض الوقت وهي تلملم شتات قلبها الممزق لتتعلم كيف تحبك بطريقة لا تجعلها تستقل قطار الندم والحسرة دائما؟ تتذكر كل أحبتك، هلا تذكرتها يوما بهدية تثبت لها فيها أنها ما زالت المرأة الأجمل في حياتك؟ وإن بعض الشباب يقول علي أن أنعزل لوحدي لأهتم بتربية نفسي، وهذا غير صحيح فالجماعية مهمة للتربية الذاتية لأمو أولا فهناك أمور جماعية لا يمكن أن تؤديها إلا من خلال الجماعة، كمشاعر الأخوة والتعاون والإيثار والصبر على جفاء الآخرين، وإن من خلال الجماعة تجد القدوة الصالحة وهي مهمة للتربية، وإن من خلال الجماعة تجد القدوة السيئة وهي أيضا مهمة للتربية فحين ترى فردا سيء الخلق تدرك كيف يخسر الآخرين.

ومن ثم تدرك شؤم سوء الخلق، وترى إنسانا كسولا فتدرك أثر الكسل والتفريط، إذن أنت تحتاج إلى القدوة السيئة لا تلازمها وتعاشرها لكن عندما ترى هذا النموذج تجتنبه، وكما يجب عليك اكتشاف أخطاء النفس، وترويضها، فالإنسان الذي يعيش في عزلة يكون في الأغلب إنسانا حادا في تعامله مع الآخرين، مثاليّا في أحكامه وفي المشروعات التي يطرحها وعندما ينتقد الآخرين وعندما يوجههم، فهو مهما امتلك من القدرات تبقى لديه جوانب قصور واضحة، من خلال العزلة والسياج الذي فرضه على نفسه، ومن هنا نقول لابد من الجماعة في التربية الذاتية، فيا أيها الزوج، هي أمانة عندك، وقد سلمها لك ذلك الرجل الذي وضعت يدك في يده ذات يوم، فعليك أن تصون الأمانه وراقبها جيدا دون تشديد وإحراج ودون إسراف، واتبع الحكمة والموعظة الحسنة لتقويمها.

ولا تنسي أنها خلقت من ضلعك وخلقت لك، ولم تُخلق لسواك، فلا تضيع أمانة سيسألك الله عنها يوما، وإعلم انها هي ليست جارية، فلا تجعل نفسك سيدا مالكا لها، بل كن أميرا يتربع على عرش قلبها، إن ألجمها خُلقها عن التجاوز معك، فلتلجمك شهامة الرجال عن الاستقواء على رعيتك فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، وقد قالها النبي صلي الله عليه وسلم فهل كنت مسؤولا بمعنى الكلمة عليها، أم أن نزواتك أنستك مَن يجلس ينتظرك بكل الحب والخوف والاهتمام والوفاء، وأردتك في مركب لا ساحل له ولا مَرسى. فإنها بين يديك وفي بيتك فإنها زوجة تسكن بيتك، وتصون عرضك، وهي ابنة لرجل وامرأة يقطنان عالمك نفسه، لكنها ابتعدت عنهما، وامتثلت لأمر خالقها، ومكثت حيث أنت لتهتم بك وتسعدك، فهل مكثت حيث هي لتسعدها، وتمتثل لأمر ربك وتختارها وحدها.