أبغض الحلال عند الله” جزء 7″

الدكروري يكتب عن أبغض الحلال عند الله” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

أبغض الحلال عند الله” جزء 7″

ونكمل الجزء السابع مع أبغض الحلال عند الله، وذلك لقول النبي صلي الله عليه وسلم “إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه” ومعنى الإكراه هو أن يتلقى الزوج تهديدا بالضرر في نفسه أو ماله، وقيل أن رجل حلف بالطلاق أن لا يذهب إلى محل كذا، وحلف بقوله هي علي طالق ثلاث مرات، وهو لم يقصد بهذا الطلاق، بل قصد أن يمنع نفسه عن هذا المحل، وللأسف لقد جهل الأمر، ولم تمضي مدة قصيرة حتى ذهب إلى نفس المحل، فحينئذ لم يكن ناسيا، وإنما ذاكرا، وإنما تجاهل الأمر فقط، فما حكم ذلك؟ وأن الجواب هو إذا طلق الإنسان على شيء يفعله، أو شيء لا يفعله، فهذا فيه تفصيل، إذا قال عليه الطلاق لا يزور فلانا، ولا يدخل بيت فلان، وعليه الطلاق ألا يأكل ذبيحة فلان، وعليه الطلاق أن تأكل ذبيحتي يا فلان، وأن تبقى حتى تأكل ذبيحتي.

 

أو عليه الطلاق ما يكلم فلانا، أو ما يسافر إلى كذا، وكل هذه الأمور تقع من الناس، ففيه تفصيل وهو إن كان أراد إيقاع الطلاق، إذا فعل هذا الشيء، أو ما فعل هذا الشيء يقع عليه الطلاق أنه يسافر، ونيته أنه إذا ما سافر تطلق امرأته، فهو على نيته، أو قال عليه الطلاق أنك تأكل الذبيحة، ونيته إنه إن ما أكلها أنها تطلق، فهو على نيته، أما إن كان أراد التأكيد على الموضوع، ولا أراد فراقها، ولا خطر بباله فراقها، ولكن أراد التأكيد، أراد على هذا أن يأكل ضيافته، وهو ليس قصده فراق أهله، ولكن يريد منه أن يأكل الضيافة إذا سمع الطلاق، لعله يخضع، لعله يجلس فيأكل الضيافة، فهذا حكمه حكم كفارة يمين، حكمه حكم اليمين، وعليه كفارتها، ولا يقع الطلاق، وهكذا إذا قال عليه الطلاق أنه ما يزور بيت فلان، أو ما يدخل بيت فلان، ثم فعل ذلك، وقصده منع نفسه من هذا الشيء.

ليس قصده فراق أهله، ولكن أراد أن يمنع نفسه من هذا الشيء، وأكد عليها، فهذا يكون له حكم اليمين وعليه كفارة يمين، وهو إطعام عشرة فقراء، كل فقير له نصف صاع من قوت البلد، ويكفي ذلك، أو يكسوهم كسوة قميص لكل واحد، أو يعطي لكل واحد إزارا ورداء، هذه الكسوة مما يجزي في الصلاة، وهذا جواب هذه المسائل المتعددة الكثيرة إن أراد إيقاع الطلاق، وقع الطلاق، وإن كان ما أراد ذلك، وإنما أراد منع نفسه، أو حثها على الشيء الذي يريده، منع نفسه أنه عليه الطلاق أنه ما يسافر، ما يكلم فلانا، هذا قصده منع نفسه من السفر، والكلام، أو أراد حثها عليه، عليه الطلاق أنه يصوم يوم الإثنين والخميس، عليه الطلاق أنه يذبح ذبيحة لفلان، فهذا قصده حث نفسه على الشيء، فهذا حكمه حكم اليمين أيضا، إذا كان ما قصد إلا حث نفسه، وإلزامها بهذا الشيء.

 

ويجب علينا أن نعلم أن حُسن علاقة الإنسان بعد الله عز وجل، ثم علاقته بوالديه الكريمين، يكون بتلك المرأة العزيزة، الطيبة المباركة، التي أتت إليه مكرّمة معززة، وفارقت والديها وبيتها الذي ولدت ونشأت فيه، فارقت إخوانها وأخواتها الذين ترعرعت بينهم، فارقت تلك الحياة التي قاربت العشرين عاما وتزيد أحيانا، كل ذلك من أجل زوجها الذي بدأت معه حياة جديدة، واشتركَتْ معه في تكوين أسرة كريمة، وتربية أبناء صالحين ينفعونهما في الدنيا ويوم الدين، فإن الزوجة شيء عزيز، وكنز ثمين، تسعى لراحة زوجها وسعادته، تدخل عليه السرور، وتخفف عنه الآلام والمتاعب، وتجعل بيته قفصه الذهبي المحبّب الذي لا يريد فراقه أو الابتعاد عنه، تخدم الزوج وإن كان في البيت حتي خادمة، فهي تتواضع له وإن كانت من السادة، وتستمع له وإن كانت أبلغ في الحديث.

 

وتحدثه وإن كان أعلم منها، تبتسم له وإن عبس في وجهها، تلين له الجانب وإن شد عليها، ترضيه وإن أغضبها، كل ذلك ليس غريبا في ديننا العظيم وتوجيه رسولنا الحبيب صلي الله عليه وسلم حيث قال “لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظيم حقه عليها” وبالتالي يقدر الزوج تلك الأفعال الجميلة، والخصال الطيبة الحميدة، فيبادلها الحسنة بمثلها وزيادة، وتتحول حياتهما أنسا ومتعة وجمالا، وتتجدد العلاقة بينهما في كل لحظة، ويبارك الله لهما في كل أمورهما، فيرون الخيرات والكرامات تنهال عليهما من كل ناحية، حتى بعض المنغصات التي لا تخلو حياة منها تتحول إلى استراحة قصيرة ووقفة نادرة سرعان ما تتبدد وتنتهي أمام الرصيد الكبير من الإيجابيات والأفعال الحسنة، فتبقى الزوجة عند زوجها ذات المكانة العالية.