الدكرورى يكتب عن الشرك بالله والقلوب الفارغة ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــروى
الشرك بالله والقلوب الفارغة ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع الشرك بالله والقلوب الفارغة، أو ما أشبه ذلك لا يهمه هذا الأمر، لا يهمه إلا رضا الله عز وجل حفظ الشريعة وتعليمها ورفع الجهل عن نفسه ورفع الجهل عن عباد الله حتى يكتب من الشهداء الذين مرتبتهم بعد مرتبة الصديقين، ويقول الله عز وجل “ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين” وأما من تعلم لغير ذلك، ليقال إنه ويوبخ عالم وإنه مجتهد وإنه علامة وما أشبه لك من الألقاب فهذا عمله حابط والعياذ بالله، وهو أول من يقضى عليه ويسحب على وجهه في النار ويكذب يوم القيامة أما الثاني فهو رجل مقاتل، قاتل في سبيل الله وقتل، فلما كان يوم القيامة أتي به إلى الله عز وجل فعرفه نعمه عليه فعرفها يعني النعم أنه سبحانه وتعالى مده وأعده ورزقه وقواه حتى وصل إلى هذه المرتبة.
إلى أن قاتل، ثم سئل ماذا صنعت فيها ؟ فيها قال يا رب قاتلت فيك، فيقال كذبت، قاتلت من أجل أن يقال فلان شجاع جرئ وقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه في النار والعياذ بالله وهكذا أيضا وأما عن المقاتل في سبيل الله، فإن المقاتلين في سبيل الله لهم نوايا متعددة فمنهم من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ومن قاتل وطنية ففي سبيل الطاغوت، ومن قاتل حمية على قومية فهو في سبيل الطاغوت ومن قاتل لينال دنيا فهو في سبيل الطاغوت، لأن الله عز وجل يقول “الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت” لكن لو قاتل الإنسان قومية أو وطنية، لا من أجل القومية ولا الوطنية، ولكن من أجل حماية وطنه المسلم أن يعتدي عليه الكفار فهذا في سبيل الله، لأن حماية بلاد المسلمين ثمرتها.
أن تكون كلمة الله هي العليا، وكذلك حماية المسلمين ثمرتها أن تكون كلمة الله هي العليا ولكن لو أن الإنسان قاتل ليقتل فقط في هذا القتال، هل يكون في سبيل الله ؟ فإن الجواب هو لا، وهذا نية كثير من الشباب يذهبون لأجل أن يقتلوا ويقولوا نحن نقتل شهداء، فيقال لا، أنتم اذهبوا لتقاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا ولو بقيتم، لا تذهبون لأجل أن تقتلوا لكن لأجل أن تكون كلمة الله هي العليا وحينئذ إن قتلتم في هذا السبيل فأنتم في سبيل الله أما الثالث فرجل أنعم الله عليه بالمال وصار يتصدق ويعطي وينفق فإذا كان يوم القيامة أتي به إلى الله وعرفه نعمه فعرفها ثم سأله ماذا صنعت فيها ؟ فيقول تصدقت وفعلت وفعلت، فيقال كذبت ولكنك فعلت ليقال فلان جواد يعني كريما، وقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه في النار هذا أيضا من الثلاثة الذين تسعر بهم النار يوم القيامة.
وفي هذا دليل على أنه يجب على الإنسان أن يخلص النية لله في جميع ما يبذله من مال أو بدن أو علم أو غيره، وأنه إذا فعل شيئا مما يبتغي به وجه الله تعالى وصرفه إلى غير ذلك، فإنه آثم به وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال يا أبا هريرة “أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة” فتأملوا هذا الحديث وكيف أن هؤلاء الثلاثة كانت أعمالهم في ظاهرها صالحة نافعة، فكان أحدهم قارئا للقرآن، وثانيهم مجاهد، وثالثهم متصدق منفق ولكنهم خابوا وخسروا لأن هذه الأعمال فقدت الإخلاص فكانوا من أوائل الناس تسعيرا للنار، وإن كانوا لا يخلدون في النار لأنهم من أهل التوحيد وقد حرّم الله على الموحدين الخلود في النار ومما جاء في التحذير من الرياء حديث أبي سعد بن أبي فضالة الأنصاري وكان من الصحابة قال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى منادي من كان أشرك في عمل له لله فليطلب ثوابه من عند غير الله، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك” وأن مدار التقوى على إصلاح القلوب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب” فمتى صلح القلب بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وصحح ذلك بالمعرفة، وحسن الاعتقاد، ثم توجه القلب إلى ربه بالإنابة والقصد وحسن الانقياد فإن الجوارح كلها تستقيم، على طريق الهدى والرشاد، فصلاح الجوارح ملازم لصلاح القلوب، فاغتنموا إصلاحها بحسن النية في كل مطلوب، فإن الله عز وجل لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم.