الدكرورى يكتب عن الشرك بالله والقلوب الفارغة ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــروى
الشرك بالله والقلوب الفارغة ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع الشرك بالله والقلوب الفارغة، فإن الله عز وجل لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم، ولكن ينظر ما أكنته القلوب، فأخلصوا الأعمال لله تعالى في كل ما تأتون وما تذرون، وأنيبوا إلى ربكم، واطمعوا في رحمته لعلكم ترحمون، فالعمل اليسير مع الإخلاص خير من الكثير مع الرياء، والثمرات الطيبة إنما تحصل لمن حقق النية واتقى، فمن أصلح باطنه، أصلح الله تعالى له الأحوال، وسدده في الأقوال وإن الميزان عند الله حين اطلاعه على قلوب العباد هو صلاحها أو فسادها، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إِن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم” رواه مسلم، فهو سبحانه وتعالى لا ينظر إلى صورنا سواء كان الشخص جميلا أو قبيحا، أو أبيض أو أسود، ولا ينظر إلى أجسادنا هل هي قوية أو ضعيفة.
أو طويلة أو قصيرة، ولكنه ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، فالقلب هو موضع نظر الله عز وجل، لما له من أهمية في حياة الإنسان، فالقلب للأعضاء كالملك المتصرف في الجنود التي تصدر كلها عن أمره، فتكتسب منه الاستقامة أو الزيغ، فيقول النبى صلى الله عليه وسلم “ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب” رواه البخاري، فعلى كل مسلم ومسلمة العمل على إصلاح قلوبهم والعناية بها، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يهتم بإصلاح القلب غاية الاهتمام، ويعتني به تمام العناية، ويوصي بذلك في كثير من أحاديثه الشريفة فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفه حيث شاء”
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اللهم مصرف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك” رواه مسلم، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم “اللهم اجعل في قلبي نورا” ويقول أيضا “اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع” فيجب علينا جميعا أن نعلم جيدا أن القلب هو موضع نظر الله تعالى فى لإنسان فالله تعالى يوم القيامة لا ينظر إلى كم رصيدك أو ما هو منصبك ورتبتك، ولا ينظر إلى كم لديك من الأولاد والقصور والعقار، ولكن الله ينظر إلى هذا القلب وما فيه من خير أو شر، لذا ينبغي علينا أن نهتم بهذا العضو ونزيّنه بزينة الإيمان والتوبة والإنابة إلى الله تعالى، ويجب علينا أن نعلم تماما أن الله تعالى انزل لباسين للإنسان، لباسا ظاهرا يواري العورة ويسترها، ولباسا باطنا من التقوى يجمّل العبد ويستره، فإذا انكشف هذا الغطاء انكشفت عورته الباطنة.
كما تنكشف عورته الظاهرة بنزع ما يسترها من لباس، فإن صلاح الجوارح بصلاح القلب، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه، عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، قال ” ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب” فإذا كان القلب صالحا فكان تبعا لذلك تصلح الجوارح فلا ترى العين إلا حلال ولا تسمع الأذن إلا الحلال ولا يقول اللسان إلا ما يرضي الله تعالى، وإذا كان القلب فاسدا فكان تبعا لذلك تفسد الجوارح فترى العين تنظر إلى الحرام والقنوات المحرمة والأذن تسمع الغناء والحرام وكذلك اللسان تجده يخوضن وفي اعراض الناس صباح ومساء ومن هنا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه” وإن القلب كثير التقلب.
فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لقلب ابن آدم أشد انقلابا من القدر إذا استجمعت غليا” ويقول صلى الله عليه وسلم ” إن هذا القلب كريشة بفلاة من الأرض يقيمها الريح ظهرا لبطن” وفي هذا دليل على أن القلب كانه ريشه لخفته وسرعة تأثره بالفتن وهو كالثوب الأبيض يؤثر فيه ادنى أثر وهو كذلك مثل المرآة الصافية يؤثر فيها ادنى شيء، وإن القلب عُرضة للفتن فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب انكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبين، قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما اشرب من هواه، وقلب أبيض فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض” رواه مسلم.