الشرك بالله والقلوب الفارغة ” جزء 6″

الدكرورى يكتب عن الشرك بالله والقلوب الفارغة ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

الشرك بالله والقلوب الفارغة ” جزء 6″

ونكمل الجزء السادس مع الشرك بالله والقلوب الفارغة، والنبي صلي الله عليه وسلم يقول “من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن” جعلنا الله وإياكم منهم، ويقول الله عز وجل فى كتابه العزيز “فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ولا يشرك بعادة ربه أحدا” ولقد سأل رجل من الأنصار وقال “يا رسول الله من أكيس الناس؟ فقال صلى الله عليه وسلم “أكيس الناس أكثرهم ذكرا للموت، وأكثرهم استعدادا للموت، أولئك الأكياس، ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة” رواه الطبراني، فالعاقل اللبيب هو الذي يذكر الموت، وهو الذي يستعد للموت، وهو الذي يذكر نفسه دائما وأبدا بالموت، وهو الذي يعلم علم اليقين أن هذه الحياة مهما عاش فيها فهي قصيرة، ومهما عظمت فهي حقيرة، لأن الليل مهما طال لا بد من طلوع الفجر.

ولأن العمر مهما طال لا بد من دخول القبر، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول “الكيس أي بمعني العاقل من دان نفسه أي من حاسب نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني” وهذا هو المغرور الذي يتواكل على سعة رحمة الله ولا يعمل، الذي يتواكل على سعة عفو الله وهو في المعاصي ليل نهار، ويقول إن الله غفور رحيم، وما الذي أنساك أن الله شديد العقاب للعاصين والمذنبين والمقصرين؟ إنها الحقيقة الكبرى أيها الأحباب، حقيقة الموت، إنها الحقيقة الكبرى في هذا الوجود، الحقيقة التي خضع في محرابها المتكبرون والمتجبرون، إنها الحقيقة الكبرى التي تسربل بها العصاة والطائعون والرسل والأنبياء والمقربون والأصفياء، وإنها الحقيقة الكبرى التي ترن في أذن كل سامع وعقل كل مفكر قائلة إنه لا بقاء إلا لله وحده.

ولا ألوهية إلا لله وحده، ولا حاكمية إلا لمن تفرد بالبقاء والجلال، فسبحانه وتعالي يقول ” كل شيء هالك إلا وجهه” فإنها حقيقة الموت التي قال الله تبارك وتعالى عنها في سورة ق ” وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد” فالحق أنك تموت والله حي لا يموت “وجاءت سكرة الموت بالحق” والحق أن ترى عند موتك ملائكة الرحمة أو ترى ملائكة العذاب “وجاءت سكرة الموت بالحق” والحق أن تكون حفرتك روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران “وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد” ذلك ما كنت منه تهرب، ذلك ما كنت منه تفر، ذلك ما كنت منه تحيد إلى الطبيب إذا جاءك المرض، وتحيد إلى الطعام إذا أحسست بالجوع خوفا من الموت، وتحيد إلى الشراب إذا أحسست بالظمأ خوفا من الموت، ولكن أيها القوي الفتي، أيها العبقري.

يا أيها الكبير ويا أيها الصغير “وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد” وصدق من قال كل باك فسيبكى وكل ناع فسينعى وكل مدخور سيفنى وكل مذكور سينسى ليس غير الله يبقى من علا فالله أعلى “وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد” ذلك ما كنت منه تفر، ذلك ما كنت منه تهرب، ولكن أين المفر؟ أين المآل؟ وأين المصير؟ إن المصير إلى الله عز وجل، وإن المآل إلى الله تعالي، وإن المنتهى إلى الله الواحد الأحد، وإن المرجع إلى الله عز وجل، ولقد تفننوا في السرقة، وتنوعت الأشكال، والعصابات، وقلدوا الغربيين في الأفلام، وأخذوا الأفكار من الأفلام، وصار السطو المسلح، والتهديد للسرقة، التخفي والتلثم، كل هذا من أين أتى؟ وهو نزع خوف الله من قلوبهم، وزال الإيمان، وإذا زال الإيمان ونزع فلا أمان.

ويجب إعادة الأموال المسروقة إلى أصحابها، إذا تاب الإنسان إلى الله، ويجب عليه أن يعيدها علانية أو سرا، باعتذار أو بغيره، بواسطة أو بغيرها، لا بد من إعادة المال المسروق لأن هذه حقوق عباد لا تزول بالتوبة فقط، فإن التوبة حق الله، اعتديت على دينه، وانتهكت حدوده ومحارمه، فالتوبة والندم والاستغفار والصالحات، ولكن حق الناس لا يضيع، فلا بد من أدائه، ولا بد من إعادته بأي طريقة، ولا بد أن يعاد المال على مراحل، وإذا لم يستطع دفعة واحدة أعاده على مراحل، أو استسمح من صاحبه، هناك إحراج، حرج الدنيا أهون من حرج الآخرة، فإن مات، يعاد إلى ورثته، وإن لم يوجد لا هو ولا الورثة يتصدق به نيابة عنه، فلا بد من إعادة المال المسروق، ولقد شرع الله سبحانه وتعالي العقوبات في الإسلام صونا للمجتمع من التدهور والفساد.