الشرك بالله والقلوب الفارغة ” جزء 7″

الدكرورى يكتب عن الشرك بالله والقلوب الفارغة ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

الشرك بالله والقلوب الفارغة ” جزء 7″

ونكمل الجزء السابع مع الشرك بالله والقلوب الفارغة، ولقد شرع الله سبحانه وتعالي العقوبات في الإسلام صونا للمجتمع من التدهور والفساد، وحماية لحقوق الأفراد من التعدي والتسلط، ومن العقوبات التي شرعها سبحانه مراعاة لهذا المقصد عقوبة السرقة، وهي عقوبة القصد منها أساسا حفظ المال، والمال عزيز على بني الإنسان، ولأجل تحقيق هذا المقصد جاء قوله سبحانه في سورة المائدة “والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم” ولقد أوجب الله سبحانه وتعالي علينا في هذه الآية قطع يد السارق والسارقة، وأطلق ذلك في جميع الأحوال والصفات، وقد اتفق أهل العلم على وجوب قطعهما، واتفقوا على تخصيص هذا الإطلاق والعموم ببعض الأحوال، فاشترطوا أشياء تعارض هذا العموم منها ما إذا سرق ما له فيه شبهة.

كالغانم إذا سرق من الغنيمة قبل القسمة، وكالأب إذا سرق مال ابنه لما روي عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال “ادرؤوا الحدود بالشبهات” رواه الترمذي، ومنها النصاب والحرز، وإن مذهب جمهور أهل العلم أن حد السرقة لا يقام إلا إذا بلغ المسروق نصابا، ولم يعتبر أهل الظاهر هذا الشرط، وأوجبوا القطع في القليل والكثير، واختلف الجمهور الموجبون للنصاب في مقداره، والمشهور من أقوالهم ثلاثة، وهو أن النصاب رُبع دينار فقط للدراهم ولسائر الأشياء، فلا تقطع يد السارق في الثلاثة الدراهم إلا أن تساوي ربع دينار، وهو قول جمهور الصحابة وإليه ذهب الشافعي، الثاني أنه ثلاثة دراهم من الفضة، أو ربع دينار من الذهب، أو ما يساوي ثلاثة دراهم من سائر الأشياء، وهو قول الإمامان مالك وأحمد، والثالث أنه عشرة دراهم، وأنها أصل لسائر الأشياء.

فلا قطع فيما دون ذلك، وهو قول الإمام أبي حنيفة، وأما إذا اجتمع جماعة فاشتركوا في إخراج نصاب من حرزه، فلا يخلو، إما أن يكون بعضهم ممن يقدر على إخراجه، أو لا إلا بتعاونهم، فإذا كان بعضهم ممن يقدر على إخراجه، فلأهل العلم فيه قولان أحدهما هو يُقطع فيه الجميع، والثاني لا يُقطع فيه أحد منهم، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وقول عند المالكية، قالوا لا يقطع في السرقة المشتركون إلا بشرط أن يجب لكل واحد من حصته نصاب، وإن كان مما لا يمكن إخراجه إلا بالتعاون، فإنه يقطع جميعهم باتفاق أهل العلم، وقد ذهب المالكية إلى أنه إن اشترك اثنان في السرقة، بأن نقب واحد الحرز، وأخرج آخر المسروق، فإن كانا متعاونين قطعا، وإن انفرد كل منهما بفعله دون اتفاق بينهما، بأن يجئ آخر فيُخرج، فلا قطع على واحد منهما وإن تعاونا في النقب.

وانفرد أحدهما بالإخراج، فالقطع عليه خاصة، وقال الشافعي لا قطع لأن هذا نقب، ولم يسرق، والآخر سرق من حرز مهتوك الحرمة، وقال أبو حنيفة إن شارك في النقب، ودخل، وأخذ، قطع، ولا خلاف بين أهل العلم أن اليمنى هي التي تقطع لقراءة ابن مسعود رضي الله عنهما “فاقطعوا أيمانهما” ثم اختلفوا إن سرق ثانية فمذهب جمهورهم أنه تقطع رجله اليسرى، ثم في الثالثة يده اليسرى، ثم في الرابعة رجله اليمنى، ثم إن سرق خامسة يعزّر ويحبس، ومذهب الحنفية والحنابلة أنه إذا عاد إلى السرقة ثالثا لا يُقطع، لكنه يضمن المسروق، ويسجن حتى يتوب، وإن مذهب جمهور أهل العلم أن مكان القطع هو من مفصل الكف لا من المرفق، ولا من المنكب، وقال الخوارج تقطع إلى المنكب، وقال قوم تقطع الأصابع فقط، وقد اختلف العلماء هل يكون غُرم مع القطع أم لا؟

فقال أبو حنيفة لا يجتمع الغُرم مع القطع بحال لأن الله سبحانه قال “والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله” ولم يذكر غُرما، وقال الشافعي يغرم قيمة السرقة، موسرا كان أو معسرا، وتكون دينا عليه، إذا أيسر أداه، قطع أو لم يُقطع، ولا يسقط الحد لله ما أتلف للعباد، وهو قول أحمد، وقال مالك إن كانت العين قائمة ردها، وإن تلفت فإن كان موسرا غرم، وإن كان معسرا لم يتبع به دينا، ولم يكن عليه شيء، وقال القرطبي “والصحيح قول الشافعي ومن وافقه” وإن مذهب الإمام مالك أن السارق إذا سرق المال من الذي سرقه وجب عليه القطع، خلافا للشافعي لأنه وإن كان سرق من غير المالك، فإن حرمة المالك الأول باقية عليه لم تنقطع عنه، ويد السارق كلا يد، ولأنه سرق غير حرز، وأما عن الساكنون في دار واحدة كالفنادق التي يسكن فيها كل رجل بيته على حدة؟؟