الدكرورى يكتب عن الشرك بالله والقلوب الفارغة ” جزء 8″
بقلم / محمـــد الدكـــروى
الشرك بالله والقلوب الفارغة ” جزء 8″
ونكمل الجزء الثامن مع الشرك بالله والقلوب الفارغة، وأما عن الساكنون في دار واحدة كالفنادق التي يسكن فيها كل رجل بيته على حدة، يُقطع من سرق منهم من بيت صاحبه، إذا أخذ وقد خرج بسرقته إلى قاعة الدار، وإن لم يدخل بها بيته، ولا خرج بها من الدار، ولا يُقطع من سرق منهم من قاعة الدار شيئا، وإن أدخله بيته، أو أخرجه من الدار لأن قاعتها مباحة للجميع للبيع والشراء، وأما عن مذهب جمهور أهل العلم أن من سرق من المحارم كالأخت، والعمة، والخالة، يُقطع، وقال أبو حنيفة لا قطع على أحد من ذوي المحارم، وأما عن مذهب الإمام مالك أن من سرق في دار الحرب يقام عليه الحد، وأن الحدود عنده تقام في أرض الحرب، ولا فرق عنده بين دار الحرب ودار الإسلام من حيث إقامة الحدود، وقال الأوزاعي يقيم من غزا على جيش الحدود في عسكره.
غير القطع، وقال أبو حنيفة إذا غزا الجند أرض الحرب وعليهم أمير فإنه لا يقيم الحدود في عسكره، إلا أن يكون إمام مصر، أو الشام، أو العراق، أو ما أشبهه، فيقيم الحدود في عسكره، وأما إذا وجب حد السرقة، فقتل السارق رجلا، فقال الإمام مالك يُقتل ويدخل القطع فيه، وقال الشافعي يُقطع أولا، ويُقتل لأنهما حقان لمستحقين، فوجب أن يوفى لكل واحد منهما حقه، وقال القرطبي “وهذا هو الصحيح إن شاء الله تعالى، وهو اختيار ابن العربي” وأنه لا قطع في كل ما كان أصله على الإباحة كجواهر الأرض ومعادنها، وشبه ذلك لأنه كان مباح الأصل، ثم طرأ عليه الملك، فتنتصب إباحة أصله شبهة في إسقاط القطع بسرقته، وأما عن مذهب الإمام مالك أن أحد الزوجين إذا سرق من الآخر يُقطع لأن مال الزوجين محترم لكل واحد منهما عن صاحبه.
وإن كانت أبدانهما حلالا لهما لأنهما لم يتعاقدا بعقد يتعدى إلى المال، وقال أبو حنيفة، وأحد قولي الشافعي لا يُقطع لأن الزوجية تقتضي الخلطة والتبسط، وهكذا فإن السرقة هي أخطر آفات المجتمعات الإنسانية وأشدها أثرا على حاضر ومستقبل أي أمة، في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة، وانتشار البطالة، ويقول ابن القيم رحمه الله “العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملا، وعن عقبة بن مسلم أن شفيا الأصبحي حدثه أنه دخل المدينة، فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال من هذا؟ فقالوا أبو هريرة، فدنوت منه حتى قعدت بين يديه وهو يحدث الناس، فلما سكت وخلا قلت له أنشدك بحق وبحق لما حدثتني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته، فقال أبو هريرة افعل، لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عقلته وعلمته، ثم نشغ أبو هريرة نشغة فمكثنا قليلا ثم أفاق، فقال لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة، ثم أفاق ومسح وجهه، وقال أفعل، لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة، ثم مال خارا على وجهه، فأسندته طويلا ثم أفاق فقال حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم “أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله للقارئ ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ قال بلى يا رب، قال فماذا عملت فيما علمت؟ قال كنت أقوم به آناء الليل، وآناء النهار.
فيقول الله له كذبت، وتقول له الملائكة كذبت، ويقول الله بل أردت أن يقال إن فلانا قارئ فقد قيل ذلك، ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال بلى يا رب، قال فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال كنت أصل الرحم، وأتصدق، فيقول الله له كذبت، وتقول له الملائكة كذبت، ويقول الله تعالى بل أردت أن يقال فلان جواد وقد قيل ذلك، ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله، فيقول الله له فيما ذا قتلت؟ فيقول أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله تعالى له كذبت، وتقول له الملائكة كذبت، ويقول الله بل أردت أن يقال فلان جريء فقد قيل ذلك ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال “يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة” رواه الترمذي.