خزيمة بن ثابت الأنصاري “جزء 1”

الدكرورى يكتب عن خزيمة بن

ثابت الأنصاري “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

مَثل المجاهد في سبيل الله، والله أعلم بمن يجاهد في سبيله، كمثل الصائم القائم، وتوكل الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة، وإن في الجنة مائة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، ومثَل المجاهد في سبيل الله كمثَل الصائم القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صيام ولا صلاة، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى، وهذا هو حديث النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فى صحيح البخارى عن أبى هريره رضى الله عنه، وإن لذة الشهادة في سبيل الله لا يحصرها قلم، ولا يصفها لسان، ولا يحيط بها بيان، وهي الصفقة الرابحة بين العبد وربه، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يتمنون الشهادة في سبيله.

 

لما لها من هذه المكانة العظيمة، فهذا هو الصحابى حنظلة تزوج حديثا وقد جامع امرأته في الوقت الذي دعا فيه الداعي للجهاد، فيخرج وهو على جنابة ليسقط شهيدا في سبيل الله، ليراه النبي صلى الله عليه وسلم، بيد الملائكة تغسله ليسمى بغسيل الملائكة، ولقد سمي الشهيد شهيدا لأن ملائكة الرحمة تشهده، أو لأن الله تعالى وملائكته شهود له بالجنة، أو لأنه ممن يستشهد يوم القيامة على الأمم الخالية، أو لسقوطه على الشاهدة، أي الأرض، أو لأنه حي عند ربه حاضر، أو لأنه يشهد ما أعد الله له تعالى من النعيم، وقيل غير ذلك، والشهيد الذي يستحق الفضائل السابقة ونحوها هو شهيد المعركة مع العدو، فهذا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، تمنى أن يكون شهيدا، وأن يقتل في سبيل الله مرات ومرات.

 

فعن أبي هريرة رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “والذي نفسي بيده، وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل” متفق عليه، وبين أيدينا فى هذا المقال صحابى جليل من الشهداء الذين نالوا الشهادة فى سبيل الله، ألا وهو صاحب الشهادتين، خزيمة بن ثابت، الأنصاري الأوسي، وهو أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، والإمام علي بت أبى طالب رضى الله عنة، وهو يكنى بـأبي عمارة، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهادته بشهادة رجلين، وكان هو وعمير بن عدي بن خرشة يكسران أصنام بني خطمة، وهو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن مالك بن الأوس الأنصاري الخطمي، وكانت أمّه هى السيدة كبشة بنت أوس الساعديّة، وقد سكن الكوفة.

 

وكان يلقَب بذي الشهادتين، وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام، ويعدّ خزيمة ذو الشهادتين من خير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الأوائل، لأنه كان من أوائل المبادرين إلى الدخول في الإسلام، بالإضافة إلى أنه كان من المشاركين في عملية تحطيم أصنام بني خطمة، إلى جانب مشاركته في مختلف الغزوات والمعارك مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقيل إن أول مشاركة له كانت في غزوة أحد، وقيل إنه شهد بدرا وما بعدها من الغزوات، ويشار إلى دوره المهم يوم الفتح، فقد كان حاملا لراية بني خطمة في ذلك اليوم، وكما كان له دور مهم في جمع القرآن الكريم، فقد أخبر الصحابة عن آخر آيتين من حفظه من سورة التوبة، وذلك عندما كان الخليفة عثمان بن عفان يجمع القرآن.

 

فعلى الرغم من أنهم لم يكونوا يقبلون إلا بشاهدين، إلا أنهم أخذوا منه، وهاتان الآيتان هما قوله تعالى فى سورة التوبة “لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم، فإن تولوا فقل حسبى الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم” وتجدر الإشارة إلى أن خزيمة روى عن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، بعض الأحاديث، وقد رُوي عنه أنه رأى في منامه أنه يسجد على جبهة الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، بذلك، فحقَّق له النبي صلى الله عليه وسلم حلمه، وجعله يسجد على جبهته، وكما روى عنه بعض الصحابة، ومنهم زيد بن ثابت، وجابر بن عبدالله، وغيرهما.