الأسباط عليهم السلام ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن الأسباط عليهم السلام ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الأسباط عليهم السلام ” جزء 1″

إن الإسلام لم يكن يوما للعرب فقط ولا للعشيرة والأهل فقط، ولم يكن القرآن الكريم يوما لبني هاشم فقط ولا لقريش فقط ولا لمكة فقط ولكن القرآن الكريم هو منذ اليوم الأول وهو يخاطب العشيرة الأقربين ويخاطب بطون قريش و يخاطب العرب أجمعين ويخاطب الناس كافة، وإن الإسلام دين لا يعرف الكذب، فإن الكذب داء يمزق الأمم، ويقطع الأرحام، وتؤكل به الحقوق، وتنتهك به الحرمات، ويهدي إلى الفجور والفساد، ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الكذب سيفشو ويكثر بشكل لم يسبق له مثيل في آخر الزمان، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال خطبنا عمر بالجابية، فقال يا أيها الناس إني قمت فيكم كمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، فقال “أوصيكم بأصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب، حتى يحلف الرجل ولا يستحلف.

ويشهد الشاهد ولا يستشهد، ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان، عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، ومن سرّته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن” الترمذي، وهذا هو الإسلام، ولقد اتفق المفسرون على أن إسرائيل هو نبى الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وكما ذكر الرازي والشوكاني وغيرهم، وأن بنو إسرائيل هم ذريته، وقال ابن جزي في التسهيل أن إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، وهو والد الأسباط، واليهود ذريتهم، وقال الجزائري في أيسر التفاسير أن إسرائيل هو يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم السلام، وبنوه هم اليهود لأنهم يعودون في أصولهم إلى أولاد يعقوب الاثني عشر.

ومن كان منهم اليوم في فلسطين أو في غيرها من البلاد تناوله خطاب القرآن الكريم لبني إسرائيل، وهكذا الحال إلى يوم القيامة، ولذلك خاطب القرآن الكريم بني إسرائيل على عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بما فعل آباؤهم، فقال تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكرروا ما فيه لعلكم تتقون ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليه ورحمته لكنتم من الخاسرين ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم فى السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين” وقيل أنه قد خاطب الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل الموجودين في زمن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بما فعل مع آبائهم، وذكرهم بذلك واستدعاهم به، وذكرهم أنه فعله بهم، كقوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة.

” وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون” وغير ذلك من الآيات كما قال تعالى ” وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خيطئاتكم سنزيد المحسنين” وهذه القصة مذكورة أيضا في سورة البقرة، ونعرف أن قوله سبحانه وتعالى ” وإذ قيل لهم ” ولم يذكر الحق من القائل لأن طبيعة الأمر في الأسباط أنه سبحانه جعل لكل سبط منهم عينا يشرب منها، وكل سبط له نقيب، وهذا دليل على أنهم لا يأتلفون فلا يكون القول من واحد إلى الجميع، بل يصدر القول من المشرع الأعلى وهو الحق إلى الرسول، والرسول يقول للنقباء، والنقباء يقولون للناس، وبعد أن تلقى نبى الله موسى عليه السلام القول أبلغه للنقباء، والنقباء قالوه للأسباط، وفي آية أخرى قال الحق سبحانه وتعالى ” وإذ قلنا ”

 

 

 

وهذا القول الأول وضعنا أمام لقطة توضح أن المصدر الأصيل في القول هو الله عز وجل، ولأنهم أسباط ولكل سبط مشرب لذلك يوضح الحق هنا أنه أوحى لنبي الله موسى عليه السلام وساعة ما تسمع ” وإذ ” فاعلم أن المراد اذكر حين قيل لهم اسكنوا هذه القرية، لقد قيل إن هذه القرية هي بيت المقدس أو أريحا، لكنهم قالوا لن ندخلها أبدا لأن فيها قوما جبارين وأضافوا له قائلين كما جاء فى سورة المائدة ” فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ” والحق لا يبين لنا القرية في هذه الآية لأن هذا أمر غير مهم، بل جاء بالمسألة المهمة التي لها وزنها وخطرها وهي تنفيذ الأمر على أي مكان يكون فقال تعالى ” اسكنوا هذه القرية وكلوا منها ” وهنا يوضح الحق سبحانه وتعالى أنا تكفلت بكم فيها كما تكفلت بكم في التيه من تظليل غمام.