الأسباط عليهم السلام ” جزء 4″

الدكرورى يكتب عن الأسباط عليهم السلام ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الأسباط عليهم السلام ” جزء 4″

ونكمل الجزء الرابع مع الأسباط عليهم السلام، وقال الآخر ليسوا بأنبياء فمن أصاب ؟ وهو أن في إخوة يوسف عليه السلام قولان للعلماء، والذي عليه الأكثرون سلفا وخلفا أنهم ليسوا بأنبياء، أما السلف فلم ينقل عن أحد من الصحابة أنهم قالوا بنبوتهم كذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية، ولا أحفظه عن أحد من التابعين، وأما أتباع التابعين، فنقل عن ابن زيد أنه قال بنبوتهم، وتابعه على هذا فئة قليلة، وأنكر ذلك أكثر الأتباع فمن بعدهم، وأما الخلف، فالمفسرون فرق منهم من قال بقول ابن زيد كالبغوي، ومنهم من بالغ في رده كالقرطبي، والإمام فخر الدين، وابن كثير، ومنهم من حكى القولين بلا ترجيح كابن الجوزي، ومنهم من لم يتعرض للمسألة، ولكن ذكر ما يدل على عدم كونهم أنبياء كتفسيره الأسباط بمن نبئ من بني إسرائيل، والمنزل إليهم بالمنزل إلى أنبيائهم.

كأبي الليث السمرقندي، والواحدي، ومنهم من لم يذكر شيئا من ذلك، ولكن فسر الأسباط بأولاد يعقوب، فحسبه ناس قولا بنبوتهم، وإنما أريد بهم ذريته لا بنوه لصلبه، وقال القاضي عياض في كتابه الشفا، إن إخوة يوسف لم تثبت نبوتهم، وذكر الأسباط وعدهم في القرآن عند ذكر الأنبياء قال المفسرون يريد من نبئ من أبناء الأسباط، وقال ابن كثير اعلم أنه لم يقم دليل على نبوة إخوة يوسف، وظاهر سياق القرآن الكريم يدل على خلاف ذلك، ومن الناس من يزعم أنهم أوحي إليهم بعد ذلك، وفي هذا نظر، ويحتاج مدعي ذلك إلى دليل ولم يذكروا سوى قوله تعالى ” وما أنزل إلى إبراهيم “إلى قوله “والأسباط ” وهذا فيه احتمال لأن بطون بني إسرائيل يقال لهم الأسباط كما يقال للعرب قبائل، وللعجم شعوب، فذكر تعالى أنه أوحى إلى الأنبياء من أسباط بني إسرائيل.

فذكرهم إجمالا، لأنهم كثيرون ولكن كل سبط من نسل رجل من إخوة يوسف، ولم يقم دليل على أعيان هؤلاء أنهم أوحي إليهم، وقال الواحدي أن الأسباط من ولد إسحاق بمنزلة القبائل من ولد إسماعيل عليهما السلام، وكان في الأسباط أنبياء، وقال في قوله تعالى” ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب” يعني المختصين بالنبوة منهم، وقال السمرقندي في قوله تعالى “وما أنزل إلينا” إلى قوله ” والأسباط” وأن السبط بلغتهم بمنزلة القبيلة للعرب، وما أنزل على أنبيائهم وهم كانوا يعملون به، فأضاف إليهم كما أنه أنزل على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فأضاف إلى أمته، فقال وما أنزل إلينا فكذلك الأسباط أنزل على أنبيائهم، فأضاف إليهم لأنهم كانوا يعملون به، وقال في قوله تعالى “إنا أوحينا إليك” إلى قوله “والأسباط” هم أولاد نبى الله يعقوب عليه السلام

وقد أوحي إلى أنبيائهم، وأما الشيخ تقي الدين بن تيمية فقد ألف في هذه المسألة مؤلفا خاصا قال فيه ما ملخصه أن الذي يدل عليه القرآن واللغة والاعتبار أن إخوة نبى الله يوسف عليه السلام ليسوا بأنبياء، وليس في القرآن الكريم ولا عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بل ولا عن أصحابه خبر بأن الله تعالى نبأهم، وإنما احتج من قال إنهم نبئوا بقوله في آيتي البقرة والنساء “والأسباط” وفسر الأسباط بأنهم أولاد نبى الله يعقوب، والصواب أنه ليس المراد بهم أولاده لصلبه بل ذريته كما يقال فيهم أيضا بنو إسرائيل، وقد كان في ذريته الأنبياء فالأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من بني إسماعيل، وقال أبو سعيد الضرير أن أصل السبط شجرة ملتفة كثيرة الأغصان فسموا الأسباط لكثرتهم، فكما أن الأغصان من شجرة واحدة كذلك الأسباط.

كانوا من يعقوب، ومثل السبط الحافد، وكان الحسن والحسين سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأسباط حفدة نبى الله يعقوب ذراري أبنائه الاثني عشر، وقال الله تعالى “ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما” فهذا صريح في أن الأسباط هم الأمم من بني إسرائيل كل سبطة أمة لا أنهم بنوه الاثنا عشر، بل لا معنى لتسميتهم قبل أن تنتشر عنهم الأولاد أسباطا، فالحال أن السبط هم الجماعة من الناس، ومن قال أن الأسباط أولاد يعقوب لم يرد أنهم أولاده لصلبه، بل أراد ذريته كما يقال بنو إسرائيل وبنو آدم، فتخصيص الآية ببنيه لصلبه غلط لا يدل عليه اللفظ، ولا المعنى، ومن ادعاه فقد أخطأ خطأ بينا، والصواب أيضا هو أن كونهم أسباطا إنما سموا به من عهد نبى الله موسى عليه السلام للآية المتقدمة.