الدكروري يكتب عن المعجزة الخالدة ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
المعجزة الخالدة ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع المعجزة الخالدة، وليعلم كل مسلم أن التمكين والنصر والتأييد والأمن لا يكون إلا لعباد الله عز وجل المخلصين، وهنا يقول تعالي كما جاء في سورة النور ” وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا” وقد وصل صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس في ليلة مظلمة، ودخل في عجلة، وربط الفرس هو وجبريل عند الباب ثم بدأت المرحلة الثانية، ثم عرج به صلى الله عليه وسلم، فلما أتيا إلى السماء الدنيا طرق الباب، وهذا فيه حكمة مشروعية الاستئذان، وأن الداخل الأجنبي لا يجوز له الدخول إلا بعد أن يطرق الباب أو يستأذن، وهذا أصله في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال صلى الله عليه وسلم “قال جبريل لخازن السماء افتح، قال من هذا؟ قال هذا جبريل قال هل معك أحد؟ قال نعم معي محمد صلى الله عليه وسلم، فقالوا أرسل إليه؟ قال جبريل نعم أرسل إليه” فالناس والملائكة والجن والإنس يتحرون رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فوصل صلى الله عليه وسلم قال “وإذا أنا برجل في السماء الأولى وهو آدم عليه السلام، إذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل يساره بكى، فقلت من هذا يا جبريل؟ قال هذا آدم، إذا نظر عن يمينه رأى هؤلاء الخلق إلى أهل الجنة فضحك استئناسا وفرحا وسرورا، وإذا نظر إلى ميسرته من أهل النار بكى، فسلم عليه صلى الله عليه وسلم وعرّف به جبريل، فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح” ثم عرج بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة.
حيث وجد صلى الله عليه وسلم ابنا الخالة نبي الله يحيى وعيسى عليهما السلام فقيل في الثانية أو في الثالثة، فسلم عليهم صلى الله عليه وسلم وحيوا مقدمه وباركوا رسالته، ووجد إدريس في الرابعة، وهو الذي قال عنه الله عز وجل ” ورفعناه مكانا عليا” فسلم عليه صلى الله عليه وسلم، ووجد هارون في الخامسة فسلم عليه ورحب به، وأما في السادسة فوجد نبي الله موسى الكليم فلما سلم عليه صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم “من هذا يا أخي يا جبريل؟ قال هذا موسى عليه السلام” ثم واصل النبي صلى الله عليه وسلم فلما عرج به إلى السادسة بكى نبي الله موسى عليه السلام فقال صلى الله عليه وسلم لجبريل “ما لموسى يبكي؟ قال يقول أن نبي بعث من بعدي يدخل الجنة من قومه أكثر مما يدخل الجنة من أمته” ويقول ابن تيمية في فتاويه.
أن هذا من التنافس المحمود، فإن نبي الله موسى لم يبكي حسدا، ولا حقدا، وإنما بكى تنافسا ويريد أن تكون لأمته من المرتبة كما لأمة محمد صلي الله عليه وسلم، وإن من الدروس المستفاده وهو ربط الرحلة في بدايتها ونهايتها بالمسجد، فالخروج من مسجد وإلى مسجد لتعلم الأمة قيمة المساجد ومكانتها في الإسلام، فهو بيت الأمة الذي اهتم به رسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية بناء دولة الإسلام، فالمسجد له مكانته وله دوره في الإسلام الذي لا بد أن يعود حتى يتخرج منه الرجال الذين يحملون دعوة الله ويبلغون رسالته ويصدق فيهم قول ربهم سبحانه وتعالي كما جاء في سورة النور ” في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب”
وهنا يجب أن يعلم كل مسلم أن المساجد إنما أنشأت للصلاة ، وحينما جعل الله صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة لم يكن ذلك إلا لأهمية الصلاة في المسجد، فالصلاة في جماعة ببيت الله هي إصلاح للنفس وتطهير لها مما علق بها بالدنيا، وإذا أردتم أن تعرفوا فضل عرض النفس على الله انظروا للغرب وكيف أن معظم أفراده يعرضون أنفسهم على أطباء المرض النفسي؟ بل ويقدرون تلك الجلسات الطبية ويدفعون فيها أغلى الأثمان، وكلما كان الطبيب ماهرا علت قيمة مقابله المادي ونظرة على المسلمين وخاصة المداومين على صلاة الجماعة أتحدى أن يكون منهم من يعاني مرضا نفسيا، لأنه يعرض نفسه خمس مرات يوميا على فاطر الأرض والسموات وسبحانه إذ يقول كما جاء في سورة الملك ” ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير”