المعجزة الخالدة ” جزء 5″

الدكروري يكتب عن المعجزة الخالدة ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

المعجزة الخالدة ” جزء 5″

ونكمل الجزء الخامس مع المعجزة الخالدة، ثم عرج بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى السابعة، وهناك وجد أفضل الأنبياء بعده صلى الله عليه وسلم وهو إبراهيم فسلم عليه، وقال “مرحبا بالنبي الصالح، والابن الصالح” ونبي الله الخليل إبراهيم أبو الأنبياء والرسول صلى الله عليه وسلم من أبنائه، وإذا هو مسند ظهره إلى البيت المعمور، وهذا البيت يطوف به كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه، أي لا يأتي دورهم مرة أخرى، فدعا له ثم قال يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر” رواه الترمذي، وقد واصل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم رحلته أما أمين الوحي جبريل عليه السلام فتوقف، فقال صلى الله عليه وسلم معي؟

قال ” وما منا إلا له مقام معلوم” ومقام جبريل عليه السلام ذاك المقام لا يتجاوزه، فصعد النبي صلى الله عليه وسلمإلي سدرة المنتهي، ويقول تعالي في سورة النجم ” عند سدرة المنتهي، عندها جنة المأوي، إذ يغشي السدرة ما يغشي” فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو الذي يغشى السدرة؟ قال “ألوان لا أعرفها الآن” وكذلك أيضا فإن من الدروس العظيمة المستفادة هو الترابط بين مهبط الرسالات، فإن بيت المقدس هو مهبط النبوة قبل نبوته صلى الله عليه وسلم، فأنبياء بني إسرائيل بعثوا في تلك الأرض المقدسة، وهناك القبلة الأولى التي كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يستقبلونها، إذن فهناك ربط بين هذا النبي الجديد وبيئته وبلدته الجديدة والنبوة الخاتمة وبين مهبط النبوة السابقة لها أيضا، وفيه إشعار بأن هذا النبي صلى الله عليه وسلم مكمل ومتمم لرسالات الأنبياء قبله.

فهو خاتمهم، ولم يأتي في باب التوحيد والإيمان بجديد عما جاءوا به في أصل القضية، وإنما دعا إلى ما دعوا إليه، وأن أرض فلسطين وما حولها أرض مباركة، بركة حسية ومعنوية، فيها بيت المقدس أولى القبلتين، وثالث الحرمين، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم عاش هناك أغلب الأنبياء، ودفن هناك أنبياء الله إبراهيم ولوط ويعقوب ويحيى وزكريا عليهم السلام، ولقد مدحها الله تعالي في القرآن الكريم في خمسة مواضع وهي أرض إسلامية صرفة، ليست ملكا لحاكم ولا لشعب، وإنما هي ملك للإسلام والمسلمين في كل مكان، وهذا يبيّن واجبنا نحوها ونحو أهلها والمقدسات التي على أرضها، ويقول صلي الله عليه وسلم “لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك” رواه البخاري.

وفي رواية أخري قيل أين هم يا رسول الله؟ قال ” في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس” وكل البلاد الإسلامية التي تحيط بها من أكناف بيت المقدس، ثم حانت أسعد اللحظات إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم حينما تشرّف بلقاء الله عز وجل والوقوف بين يديه ومناجاته، لتصغر أمام عينيه كلال أهوال التي عايشها، وكل المصاعب التي عاينها، ثم كلمه الله عز وجل وفرض عليه خمسين صلاة، والصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يري ربه لما أسري به أو عرج به إلى السماء، وقد سئل صلى الله عليه وسلم ” هل رأيت ربك؟ قال نور أنّى أراه” أي ما رأيته، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها لما قال الأسود بن يزيد هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ قالت لقد وقف شعري مما قلت ومعني وقف شعر رأسه أي انتفش، واستقام أو تحرك من ثقل هذه الكلمة.

من زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله عز وجل، وإن من الدروس العظيمة المستفاده هو أهمية الصلاة وسبب فرضيتها في السماء دون بقية العبادات، حيث إن الصلاة هي الفريضة الوحيدة التي فرضت ليلة الإسراء والمعراج في السماء السابعة وبدون واسطة, فلماذا فرضت العبادات كلها عن طريق الوحي على وجه الأرض دون الصلاة، فأخذ الله تعالي نبيه إلى مكان لم يصل إليه أحد فتفرض هناك خاصة؟ والجواب عن ذلك هو إن الإنسان يتكون من قسمين، جسد وروح، فالجسد خلق من طين وغذاؤه من طين ومرجعه للطين، والروح مخلوقة من روح الله تعالي حيث قال تعالي كما جاء في سورة الحجر ” فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين” وغذاؤها غذاء روحي هو العبادة والصلاة، ومرجعها إلى الله عز وجل.