الدكروري يكتب عن المعجزة الخالدة ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
المعجزة الخالدة ” جزء 7″
ونكمل الجزء السابع مع المعجزة الخالدة، وكذلك أيضا فإن من الدروس المستفاده هو تسليم القيادة والريادة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا الدرس العظيم يتمثل في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بجميع الأنبياء والمرسلين إماما بعد أن أحياهم الله له جميعا وفي ذلك إشارة إلى مكانة النبي صلي الله عليه وسلم عند ربه عز وجل، وإشارة إلى وحدة الرسالات السابقة في المصدر والهدف والغاية، فمصدرها جميعا من الله، وهدفها تعبيد الناس إلى الله، فالأنبياء جميعا إخوة فيما بينهم، فكل واحد منهم يؤدي دوره، ويأتي من بعده ليكمل الرسالة، ومن هنا يقول النبي صلي الله عليه وسلم “مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا فأتمها إلا موضع لبنة فكان الناس يقولون لولا هذه اللبنة، فأنا هذه اللبنة” رواه البخاري، كما يدل ذلك دلالة واضحة على العهد.
والميثاق الذي أخذه الله على كل الأنبياء والمرسلين لئن بعث محمد وأنتم أحياء لتؤمنن به ولتنصرنه، فقال تعالى كما جاء في سورة آل عمران ” وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم علي ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين، فمن تولي بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون” وقال الإمام علي بن أبي طالب وابن عمه عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما ما بعث الله نبيا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بعث محمدا وهو حيّ ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمننّ به ولينصرنه، وروي أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب.
فقال يا رسول الله إني أصبت كتابا حسنا من بعض أهل الكتاب، قال فغضب وقال “أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب فوالذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شئ فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده، لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني” وإن رسالة نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم جاءت خاتمة وناسخة لكل الشرائع التي مضت وإن على الجميع الإذعان والتسليم والانقياد لهذا الدين العظيم دين الإسلام، فيقول الله عز وجل كما جاء في سورة آل عمران “ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، أن النبي صلي الله عليه وسلم قال “والذي نفس محمد بيدة لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار” رواه مسلم.
فإن الإسلام دين السلام والتسامح ولم يكره أحدا على الدخول في الإسلام، ومن هنا يقول الله تعالي كما جاء في سورة الكهف ” وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” وكما قال تعالي في سورة النور ” وما علي الرسول إلا البلاغ المبين” وبعد أن وصل النبي صلى الله عليه وسلم السماء السابعة وتجاوزها إلى سدرة المنتهى وكلمه الله، وفرض عليه الصلوات الخمس، عاد إلى الدنيا في تلك الليلة، وأصبح في الصباح، ونزل إلى الحرم، وجمع الكفار وأخبرهم أنه أسري به تلك الليلة، كان معه في أول القصة أبو جهل قال أصدق أسري بك؟ قال نعم، قال إلى أين؟ قال إلى بيت المقدس، ثم عرج بي إلى السماء السابعة، فضحك أبو جهل وقال اصبر حتى أجمع كفار قريش، أي يسمعوا هذا الخبر، وهو لا يريد أن يفيدهم، لكنه يريد أن يستهزئ ويضحك.
فجاءوا وسيدهم آنذاك هو الوليد بن المغيرة وقد كان يكسو الكعبة سنة، وتكسوها قريش سنة، فلما جلسوا تكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الوليد بن المغيرة يا محمد إننا نصل بيت المقدس في شهر، ونعود منه في شهر، فكيف وصلت أنت في جزء من ليلة إلى بيت المقدس ثم إلى السماء السابعة ثم عدت في نفس الليلة؟ فإن كان لك من العلامات فأخبرنا بها، فقال صلى الله عليه وسلم وماذا تريدون من علامات؟ قالوا صف لنا بيت المقدس نحن نعرف أبوابه ونوافذه وأسياجه ومداخله ومخارجه والرسول صلي الله عليه وسلم ما تسنى له أن يقف على عدد أبوابه وأسياجه ومداخله ومخارجه، فأخذه من الكرب ما الله به عليم حتى تغشاه العرق، ولما وقف نكس النبي صلى الله عليه وسلم رأسه ثم رفع وإذا بصورة بيت المقدس أمامه، فأخذ يصفه كما هو في حقيقته بأبوابه ومنافذه وحوائطه وأركانة.