عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي ” جزء 1″

بقلم/ محمـــد الدكــــرورى

صحابى جليل قد أسلم في عام

خيبر، ومنذ وضع يمينه بيمين

الرسول الكريم محمد صلى الله

عليه وسلم، فقد أصبحت يده

اليمين موضع تكريم كبير، فآلى

على نفسه ألا يستخدمها إلا في

كل عمل طيب وكريم، وكان هو

صورة من صور الصدق والزهد

والورع والتفاني وحب الله

وطاعته، ومع هذا فكان هذا

الصحابى الجليل يبكي ويقول ”

يا ليتني كنت رمادا، تذروه

الرياح ” وذلك لأن هؤلاء

الرجال كانوا يخافون الله تعالى

لإدراكهم لعظمته وجلاله،

ولإدراكهم لحقيقة عجزهم عن

شكره وعبادته، ولقد سأل

الصحابة الكرام رضى الله

عنهم، الرسول صلى الله عليه

وسلم، يوما فقالوا، يا رسول

الله، ما لنا إذا كنا عندك رقت

قلوبنا، وزهدنا دنيانا.

وكأننا نرى الآخرة رأي العين،

حتى إذا خرجنا من عندك،

ولقينا أهلنا وأولادنا ودنيانا

أنكرنا أنفسنا ؟ فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي بيده، لو تدومون على حالكم عندي، لصافحتكم الملائكة عِيانا، ولكن ساعة وساعة” ولقد سمع هذا الصحابى الجليل هذا الحديث وأبى أن يعيش حياته ساعة وساعة، وإنما ساعة واحدة موصولة النجوى والتبتل لله رب العالمين، وفي خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فقد أرسله الى البصرة ليُفقه أهلها ويعلمهم، وفي البصرة حط الرحال، وأقبل عليه أهلها منذ عرفوه يتبركون به ويستضيئـون بتقواه، وقد قال الحسن البصري وابن سيرين ” ما قدم البصرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أحد يفضل على هذا الصحابى الجليل.

 

 

 

فقد كان يرفض أن يشغله عن العبادة شاغل، فاستغرق في العبادة حتى صار كأنه لا ينتمي الى عالم الدنيا وإنما ملك يحيا مع الملائكة يحادثهم ويحادثونه، ويصافحهم ويصافحونه، ولما وقع النزاع الكبير بين الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه، ومعاوية بن أبى سفيان، فقد وقف هذا الصحابى الجليل موقف الحياد، ورفع صوته بين الناس داعيا إياهم أن يكفوا عن الإشتراك في تلك الحروب ويقول” لأن أرعى أعنزا حضنيّات في رأس جبل حتى يدركني الموت، أحب إليّ من أن أرمي في أحد الفريقين بسهم، أخطأ أم أصاب” وكما كان يوصي من يلقاه من المسلمين قائلا ” الزم مسجدك، فإن دُخل عليك فالزم بيتك، فإن دخل عليك بيتك من يريد نفسك ومالك فقاتله ”

وقد حقق إيمان هذا الصحابى الجليل أعظم نجاح حين أصابه مرض موجع لبث معه ثلاثين عاما، ما ضجر منه ولا قال أفّ، بل كان مثابرا على عبادته، وإذا هوّن عليه عواده أمر علته بكلمات مشجعة ابتسم لهم وقال” إن أحب الأشياء الى نفسي، أحبها الى الله” وكانت وصيته لأهله وإخوانه حين أدركه الموت ” إذا رجعتم من دفني، فانحروا وأطعموا” أجل فموت مؤمن مثل هذا الصحابى الجليل هو حفل زفاف عظيم، تزفّ فيه روح عالية راضية الى جنة عرضها السموات والأرض، فإنه هو الصحابي عمران بن حصين بن عبيد بن خلف بن عبد نهم.

 

 

 

 

وهو من قبيلة خزاعة وكنيته أبو نجيد، وقد أسلم في السنة السابعة للهجرة مع أبيه وأخته، وبايع النبى صلى الله عليه وسلم، على الإسلام والجهاد، وغزا معه في العديد من الغزوات وحمل راية خزاعة في يوم الفتح، وكان رضي الله عنه من سادات الصحابة، وقد بعثه عمر بن الخطاب إلى البصرة حتى يعلم الناس أمور الدين، وكما تولى قضاء البصرة لفترة من الزمن وسكن فيها حتى وفاته سنة اثنين وخمسين من الهجرة، وترجع قصة إسلامه إلى عام خيبر حيث جاءته مجموعة من قريش يشتكون له سب وذم النبي صلى الله عليه وسلم، لآلهتهم، فجمعهم وذهبوا للسخرية من النبى صلى الله عليه وسلم،