الجزء الثانى مع عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي

الدكرورى يكتب عن عمران بن

حصين بن عبيد الخزاعي ”

جزء 2″

بقلم/ محمـــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي، وترجع قصة إسلامه إلى عام خيبر حيث جاءته مجموعة من قريش يشتكون له سب وذم النبي صلى الله عليه وسلم، لآلهتهم، فجمعهم وذهبوا للسخرية من النبى صلى الله عليه وسلم، ومعرفة سبب ذمه لآلهتهم، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جابههم بأن سأل عمران عن عدد آلهته، وعندما أجابه عمران بأنها سبعة في الأرض وواحد في السماء، سأله رسول الله وأي منها يدعوها عندما يصيبه الضر، فأجابه أنه يدعو إله السماء، وعندما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف له أن يشرك مع الله آلهة الأرض وهو الوحيد المستجيب، فسكت عمران وطلب منه النبي صلى الله عليه وسلم، أن يسلم فأسلم.

وطلب منه أن يقول ” اللهم أستهديك لأرشد أمري وزدني علماً ينفعني” فقالها عمران وأسلم وقام وقبل رأس ويدين وأرجل الرسول صلى الله عليه وسلم، وبكى الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعود سبب إسلامه بهذه السرعة إلى سلامة فطرته وقوة حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمران بن حصين رضي الله عنه صادقا مع نفسه ومع الله، وزاهدا مجاب الدعوة، وكان يتفانى في طاعة الله وحبه، وكثير البكاء خشية وخوفا من الله، وكان أهل البصرة يحبونه حبا شديدا بسبب تقواه وورعه، كان محايدا عندما وقعت الفتنة ودعا الناس أن يكفوا عن الاشتراك في الحروب، وكان صبورا وقوي الإيمان وخاصة في مرضه، وقد لقب عمران بن حصين بشبيه الملائكة.

وكان ذلك لأن الملائكة كانت تصافحه ولكنها توقفت عن ذلك لفترة من الزمن بعد أن اكتوى نتيجة لإصابته بمرض البواسير، ولكنها عادت إلى مصافحته لأنه لم يكتو بعدها، وقد أصيب عمران بن حصين بمرض شديد وظل يعاني منه لمدة ثلاثين عاما، وأوصى قبل أن يموت أن يشدوا عليه السرير بعمامته عند موته وأن يستعجلوا في المشي في جنازته وأن لا يصيح الناس أو يصرخوا لوفاته وبشكل خاص الأمهات، كما وصى أن يكون قبره مربع الشكل ويرتفع عن الأرض نحو أربعة أصابع، كما أوصى إطعام الناس بعد العودة من دفنه، وعمران بن حصين رضي الله عنه صورة رضيّة من صور الصدق، والزهد، والورع، والتفاني وحب الله وطاعته، وان معه من توفيق الله ونعمة الهدى لشيئا كثيرا.

ومع ذلك فهو لا يفتأ يبكي، ويبكي، ويقول” يا ليتني كنت رمادا، تذروه الرياح ” ذلك أن هؤلاء الرجال لم يكونوا يخافون الله بسبب ما يدركون من ذنب، فقلما كانت لهم بعد اسلامهم ذنوب، انما كانوا يخافونه ويخشونه بقدر ادراكهم لعظمته وجلاله، وبقدر ادراكهم لحقيقة عجزهم عن شكره وعبادته، فمهما يضرعوا، ويركعوا، ومهما يسجدوا، ويعبدوا، وقد قال الحسن البصري، وابن سيرين ” ما قدم البصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد بفضل عمران بن حصين ” فكان عمران يرفض أن يشغله عن الله وعبادته شاغل، وقد استغرق في العبادة، واستوعبته العبادة حتى صار كأنه لا ينتمي الى عالم الدنيا التي يعيش فوق أرضها وبين ناسها، وقد حقق ايمان عمران بن حصين أعظم نجاح.

حين أصابه مرض موجع لبث معه ثلاثين عاما، ما ضجر منه ولا قال أفّ، بل كان مثابرا على عبادته قائما، وقاعدا وراقدا وكان اذا هوّن عليه اخوانه وعوّاده أمر علته بكلمات مشجعة، ابتسم لها وقال ” ان أحب الأشياء الى نفسي، أحبها الى الله، وقد قيل أنه رضى الله عنه أسلم عام خيبر أي سنة سبع من الهجرة، في نفس عام إسلام أبي هريرة رضي الله عنه، وعن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال قال لي عمران بن حصين إن الذي كان انقطع عني قد رجع يعني تسليم الملائكة قال وقال لي اكتمه علي، وعن مطرف قال أرسل إلي عمران بن حصين في مرضه فقال إنه كان تسلم علي يعني الملائكة فإن عشت فاكتم علي وإن مت فحدث به إن شئت.