الدكروري يكتب عن المرأة في زمن الجاهلية والإسلام ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
المرأة في زمن الجاهلية والإسلام ” جزء 1″
إن المرأة اليوم أصبحت بين شيئين فإنها بين تكريم الإسلام وعبث اللئام، وإن الناظر إلي الأوضاع الحالية بعين الحقيقة، في كثير من المجتمعات الإسلامية، ليدرك أنه في خضمّ المتغيرات الاجتماعية وفي ظل تداعيات النقلة الحضارية، فما تبثه القنوات الفضائية، وتلفظه الشبكات العنكبوتية وتلقيه الصحف المعلوماتية، من سيل جارف عن دين الله صارف، وطوفان من الكلمات اللاذعة والاتهامات القارعة، التي تستهدف الإسلام وأهله، لهو موجه إلى الإسلام غي كل مكان اليوم، فهي تريد النيل من الثوابت الثابتات وزعزعة الأسس الراسيات، في معركة تقصد المسلمين والمسلمات، لتغيير مفاهيمهم وتغريب معتقداتهم، مما يؤكد أهمية تمسك الأمة بنور الوحي وهداياته، وعمومات الشرع وكلياته، ومقاصده العظمى ودلالاته، ممن يريدون خرق صفها وثلمة وحدتها وتفريق كلمتها.
فإن لم تتمسك الأمة بدستورها، وتتحصن بدينها وإلا أصبحت متفرقة مبعثرة، متخبطة متعثرة، وإن مظاهر تكريم الإسلام للمرأة له صور متعددة في جميع المجالات ويظهر ذلك من خلال واقعها وحالها في الجاهلية وبضدها تتميز الأشياء، ففي الجاهلية لم يكن للمرأة حق الإرث، وكانوا يقولون في ذلك لا يرثنا إلا من يحمل السيف، فجاء الإسلام فرفع شأن المرأة في هذا الجانب وأقر لها حقا في الميراث زوجة وأما وبنتا وأختا فقال الله تعالى في سورة النساء ” للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا” ولم يكن للزوجة صداق ولا مهر عند بعض القبائل في الجاهلية بل كان يشتري الزوج زوجته إذا دفع ثمنها لأبيها.
كما تشترى البهيمة، فجاء الإسلام فأبطل ذلك وجعل لها مهرا وصداقا من حقها لا يأخذ أحد منه شيئا إلا بطيب نفس منها، فقال الله تعالى كما جاء في سورة النساء ” وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا” ولم يكن للمرأة على زوجها أي حق، وليس للطلاق عدد محدود، وليس لتعدد الزوجات عدد معين، وكانوا إذا مات الرجل، وله زوجة وأولاد من غيرها، كان الولد الأكبر أحق بزوجة أبيه من غيره، فهو يعتبرها إرثا كبقية أموال أبيه، فجاء الإسلام فرفض ذلك وأبطله وفرض لها حقوقها ونظم وضعها في الطلاق والزواج والعدة بطريقة تحفظ كرامتها وعفتها وطهارتها، وكان العرب في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنا، ويأخذون أجورهم فجاء الإسلام.
فأنكر ذلك ونهى عنه واستقبحه، فقال تعالى كما جاء في سورة النور ” ولا تكرهوا فتياتكم علي البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا” وكان العرب في الجاهلية يكرهون البنات، ويدفنونهن في التراب أحياء خشية العار، فجاء الإسلام فأبطل ذلك وسجله في قرآن يتلى إلى يوم القيامة، فهل هناك ديانة أو مجتمعات على وجه الأرض نالت فيه المرأة مثل هذا التكريم ؟ وما أجمل قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المقارنة بين وضع المرأة في الجاهلية والإسلام ” والله إن كنا في الجاهلية ما نعد النساء أمرا حتي أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم” رواه البخاري، ولقد اهتم القرآن الكريم بذكر المرأة حتى أن هناك سورة تسمى بسورة النساء، وسورة الطلاق تسمى بسورة النساء الصغرى.
وكذلك سورة المجادلة وهي تنطق بكسر الدال وفتحها، وليس هناك سورة للرجال بل إن الله رفع ذكرهن في واقعة سورة الأحزاب، فقد روي أن أسماء بنت عميس رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب فدخلت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقالت هل نزل فينا شيء من القرآن؟ قلن لا، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسار، قال وممّ ذاك؟ قالت لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال، فأنزل الله عز وجل هذه الآية الكريمة من سورة الأحزاب “إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين” فأنزل الله تعالى هذه الآية التي طمأنت النساء بأن لهن درجة عند الله مساوية للرجال، وأكدت على أن المعيار هو العقيدة والعمل والأخلاق الإسلامية.