الجزء الثالث مع عمرو بن الحمق الخزاعي

الدكرورى يكتب عن عمرو بن الحمق الخزاعي “جزء 3”

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع عمرو بن الحمق الخزاعي، وكان إسلامه بعد الحُديبية وشارك مع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، في غزواته، وكان لعمرو من العمر يوم أسلم خمسة وعشرون عاما، أما بالنسبة إلى حياته بعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد سكن عمرو مصر ثم جاء إلى الكوفة، فكانت حياته كسائر حياة أصحاب الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه، في الانصياع لأوامره بالصبر والثبات لحفظ شرعة الإسلام حتى بدأ دوره الثاني فكان أحد أقطاب الثورة التي قاموا بها ضد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وبعد مقتل عثمان بن عفان رضى الله عنه، وتولي على بن أبى طالب، الخلافة شهد عمرو بن الحمق حروب على بن أبى طالب الثلاثة.

وهم الجمل وصفين والنهروان، وقد ساهم فيها بكل صلابة وثبات‏، وكان ولاؤه للإمام عظيما، حتى قال له على بن أبى طالب “ليت أن في جندي مائة مثلك يا خزاعي” ففي وقعة صفين قال عمرو بن الحمق، للإمام على بن أبى طالب ” إنى والله يا أمير المؤمنين، ما أجبتك، ولا بايعتك على قرابة بيني وبينك، ولا إرادة مال تؤتينيه، ولا التماس سلطان يُرفع ذكري به، ولكن أحببتك لخصال خمس، إنك ابن عم رسول ‏الله صلى الله عليه وسلم، وأول من آمن به، وزوج سيِدة نساء الأمة السيدة فاطمة الزهراء بنت النبى صلى الله عليه وسلم، وأبو الذرية التي بقيت فينا من رسول ‏الله صلى الله عليه وسلم، وأعظم رجل من المهاجرين سهما في الجهاد.

فلو أني كلفت نقل الجبال الرواسي، ونزح البحور الطوامي، حتى يأتي عليَّ يومي في أمر أقوى به وليَّك، وأوهن به عدوَّك، ما رأيت أني قد أديت فيه كل الذي يحق عليَّ من حقك” فقال الإمام على بن أبى طالب ” اللهم نور قلبه واهده إلى صراط مستقيم ” ولما أنشأ الإمام على بن أبى طالب أيام خلافته شرطة الخميس، كان عمرو بن الحمق الخزاعي منهم إلى سائر المخلصين، من أصحاب الإمام على بن أبى طالب كالأصبغ بن نباتة، وميثم التمار، ورشيد الهجري، وحبيب بن مظاهر، وحجر بن عدي وغيرهم وقد تسمّوا بالشرطة لأنهم اشترطوا على أنفسهم الوفاء للإمام على بن أبى طالب، وهذا ما حدث به الإمام على بن أبى طالب من أن النبي صلى الله عليه وسلم.

فعل ذلك مع جماعة من أصحابه كسلمان والمقداد وعمار حيث قال لهم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، “تشرطوا فإني لست أشارطكم إلا على الجنة” وكان عمرو من قادة جيش الإمام على بن أبى طالب في حروبه الثلاث، وكانت له مواقف بطولية رائعة مشرقة في ساحات القتال فلمع اسمه بين القادة الأبطال في الجيش العلوي، ففي صفين وزّع الإمام على بن أبى طالب أدوار القادة في جيشه فجعل على ميمنته الأشتر النخعي، وسعيد بن قيس الهمداني وعلى ميسرته عمار بن ياسر، وشريح بن هاني، وعلى القلب، محمد بن أبي بكر، وعدي بن حاتم الطائي، وعلى الجناح، زياد بن كعب وحجر بن عدي الكندي، وعلى الكمين، عمرو بن الحمق وجندب بن زهير.

وكان من مواقفه في ذلك اليوم أنه قد وقف بين الصفين وهو يخاطب الإمام على بن أبى طالب بقوله ” يا أمير المؤمنين أنت ابن عم نبينا، وأول المؤمنين إيمانا بالله عز وجل” ولما وقعت الفتنة في جيش الإمام وتم رفع المصاحف، قال عمرو بن الحمق للإمام على بن أبى طالب “يا أمير المؤمنين، إنا والله ما اخترناك ولا نصرناك عصبية على الباطل، ولا أحببنا إلا الله عز وجل، ولا طلبنا إلا الحق، ولو دعانا غيرك إلى ما دعوت إليه لكان فيه اللجاج وطالت فيه النجوى، حتى بلغ قوله وليس لنا معك رأي” وكان بعد ذلك الجهاد العظيم مع الإمام على بن أبى طالب، يشهد عمرو أشد اللحظات ألما في حياته، وهي لحظات احتضار الإمام على بن أبى طالب.