الجزء الخامس مع عمرو بن الحمق الخزاعي

الدكرورى يكتب عن عمرو بن الحمق الخزاعي “جزء 5”

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع عمرو بن الحمق الخزاعي، وكان عمرو صديقا لحجر بن عدي الكندي ورفيقه دربه في الجهاد وشريكه في ثورته، ويقول الطبري ” ثم كانت حادثة حجر بن عدي الكندي، فأبلى عمرو فيها بلاء حسنا، وضربه رجل من الحمراء من شرطة زياد يدعى بكر بن عبيد بعمود على رأسه فوقع، وحمله الشيعة فخبأوه في دار رجل من الأزد، ثم خرج فارا وصحبه الزعيم الآخر رفاعة بن شداد، وهو من رجال ثورة حجر، فيمما المدائن ثم ارتحلا حتى أتيا أرض الموصل فكمنا في جبل هناك، واستنكر عامل ذلك الرستاق شأنهما فسار اليهما بالخيل، فأما عمرو فلم يصل الموصل إلا مريضا بالاستسقاء.

ولم يكن عنده امتناع، واما رفاعة بن شداد، وكان شابا قويا، فوثب على فرس له جواد، وقال لعمرو، أقاتل عنك، قال وما ينفعني أن تقاتل، إنج بنفسك إن استطعت، فحمل عليهم فأفرجوا له، فخرج تنفر به فرسه، وخرجت الخيل في طلبه، وكان راميا، فأخذ لا يلحقه فارس إلا رماه فجرحه أو عقره فانصرفوا عنه، وسألوا عمرا، من انت ؟ فقال من ان تركتموه كان أسلم لكم، وان قتلتموه كان أضرّ لكم، فسألوه فأبى ان يخبرهم، فبعث به ابن أبي بلتعة، عامل الرستاق، الى عامل الموصل، وهوعبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفي، فلما رأى عمرو بن الحمق عرفه، وكتب الى معاوية بخبره، فأمره معاوية بأن يطعنه تسع طعنات.

كما كان فعل بعثمان فطعن ومات بالأولى منهن أو الثانية، ويقول ابن عبد البر، ثم اجتز رأسه وأرسله إلى معاوية بن أبى سفيان بالشام فأمر به أن يطاف به في الشام وغيرها، وكان رفاعة قد توارى عنهم فلما قتلوا عمروا وقطعوا رأسه وأخذوه معهم خرج رفاعة فدفن جثته وبقي رفاعة، حتى خرج مع الحسينبن الإمام على رضى الله عنهم، في ثورته واستشهد معه يوم الطف، وكان معاوية بن أبى سفيان قد أمر بسجن زوجة عمرو بن الحمق آمنة بنت الشريد وكان ذلك في دمشق بتهمة عدم البراءة من الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه، فبقيت في السجن لمدة سنتين فلما قتل زوجها وجيء برأسه إلى الشام أمر بإرساله إليها.

فرموه في حجرها وهي في السجن، فوضعت كفها على جبينه، ولثمت فمه، وقالت “غيبتموه عني طويلا، ثم أهديتموه اليّ قتيلا، فأهلا به من هدية غير قالية ولا مقلية” ثم قالت لرسول معاوية بن أبى سفيان ” بلغ أيها الرسول عني معاوية ما أقول، أيتم الله ولدك وأوحش منك أهلك ولا غفر لك ذنبك، وطلب الله بدمه، وعجل الوبيل من نقمه، فقد أتى أمرا فريا و قتل بارا تقيا فأبلغ أيها الرسول معاوية ما قلت “فبلغ الرسول ما قالت فبعث إليها فقال لها، أنت القائلة ما قلت؟ قالت “نعم غير ناكلة عنه و لا معتذرة منه” فقال لها اخرجي من بلادي، فقالت له ” أفعل، فو الله ما هو لي بوطن، ولا أحن فيها إلى سجن.

و لقد طال بها سهري، واشتد بها عبري، وكثر فيها ديني، من غير ما قرت به عيني” فقال عبد الله بن أبي سرح الكاتب “إنها منافقة فألحقها بزوجها” فنظرت إليه فقالت ” يا من بين لحييه كجثمان الضفدع ثم أنت تدعوه إلى قتلي كما قتل زوجي بالأمس ألا قلت من أنعمك خلعا وأصفاك كساء إنما المارق المنافق من قال بغير الصواب واتخذ العباد كالأرباب فأنزل كفره في الكتاب” فأومئ معاوية إلى الحاجب بإخراجها، فقالت ” وا عجباه من ابن هند يشير إلي ببنانه ويمنعني نوافذ لسانه أما والله لأبقرنه بكلام عتيد كنواقد الحديد أو ما أنا بآمنة بنت الشريد ” واستمرت المحاورة بينهما فأخرست هذه اللبوة الشجاعة هذا الطاغية بفصاحة لسانها وصلابتها في دينها.