الجزء السادس مع عمرو بن الحمق الخزاعي

الدكرورى يكتب عن عمرو بن الحمق الخزاعي “جزء 6”

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس مع عمرو بن الحمق الخزاعي، فقال عبد الله بن أبي سرح الكاتب “إنها منافقة فألحقها بزوجها” فنظرت إليه فقالت ” يا من بين لحييه كجثمان الضفدع ثم أنت تدعوه إلى قتلي كما قتل زوجي بالأمس ألا قلت من أنعمك خلعا وأصفاك كساء إنما المارق المنافق من قال بغير الصواب واتخذ العباد كالأرباب فأنزل كفره في الكتاب” فأومئ معاوية إلى الحاجب بإخراجها، فقالت ” وا عجباه من ابن هند يشير إلي ببنانه ويمنعني نوافذ لسانه أما والله لأبقرنه بكلام عتيد كنواقد الحديد أو ما أنا بآمنة بنت الشريد ” واستمرت المحاورة بينهما فأخرست هذه اللبوة الشجاعة هذا الطاغية بفصاحة لسانها وصلابتها في دينها.

وقيل أن معاوية أمر بقتلها وكانت أول امرأة قتلت في الإسلام بعد أن عرض عليها البراءة من الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه، فامتنعت عليه وتبرأت منه ومن جلاديه ومن يحابيه بفعل أو قول، وكان لمقتل عمرو بن الحمق وزوجته وحجر بن عدي الكندي وأصحابه ردود أفعال لدى المسلمين تجاه وحشية السلطة، لكنها كانت تجابه بالقمع والإهمال، وجاءت ردود الأفعال هذه من كثير من شخصيات المسلمين، ومن هذه الردود هو رد السيده عائشة في قولها لمعاوية كما يورده الطبري في تاريخه ” أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه؟ أما والله إن كان ما علمت لمسلما حجاجا معتمرا”

وعندما يقول لها معاوية، إني رأيت قتلهم صلاحا للأمة، وإن بقاءهم فساد للأمة، تقول له “سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء” ولكن ماذا لو قتل عمرو وحجر في يوم الجمل؟ وكانت شهادة عمرو بن الحمق مع زوجته الشهيدة آمنة بنت الشريد عام خمسين من الهجرة وقد بلغ الثمانين من عمره وقد أبلته العبادة كما وصفه الإمام الحسين في رسالته التي بعثها إلى معاوية حيث يقول فيها “ألست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم العبد الصالح الذي أبلته العبادة، فأنحلت جسمه، وصفرت لونه، بعدما أمنته واعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو أعطيته طائرا لنزل اليك من رأس الجبل.

ثم قتلته جرأة على ربك واستخفافا بذلك العهد” ولقد طابت نفس عمرو إلى الشهادة فتقدم إليها بقدم الواثق المطمئن الذي سيلاقي ربه بروح وريحان وجنة نعيم، فلم ترهبه سيوف الجلادين، ولا سجون الظالمين، فنطق بالحق وعمل به وقد توفي سنة خمسين من الهجرة وذلك أنه كان من الذين قاموا مع حجر بن عدي، فتطلبه زياد والي البصرة، فهرب إلى الموصل، فبعث معاوية إلى نائبها، فطلبوه فوجدوه قد اختفى في غار فنهشته حية، فمات فقطع رأسه، فبعث به إلى معاوية، فطيف به في الشام وغيرها، فكان أول رأس طيف به، ثم بعث معاوية برأسه إلى زوجته آمنة بنت الشريد وكانت في سجنه فألقي في حجرها، فوضعت كفها على جبينه و لثمت فمه، و قالت غيبتموه عني طويلا، ثم أهديتموه الي قتيلا، فأهلا بها من هدية غير قالية و لا مقلية.