الدكرورى يكتب عن الخليفة الأموي الثاني يزيد بن معاوية “جزء 4”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الخليفة الأموي الثاني يزيد بن معاوية “جزء 4”
ونكمل الجزء الرابع مع الخليفة الأموي الثاني يزيد بن معاوية، وبعد رفض أهل المدينة التام لمبايعة يزيد بسبب فكرة تولية ابن الخليفة حاكما من بعده، قرر معاوية بن أبي سفيان أن يزور المدينة في طريقه للحج في عام واحد وخمسين للهجرة، فتوجه إليها مع ألف من أهل الشام ومعه ابنه يزيد، فلما اقترب من المدينة خرج عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعبد الله بن الزبير منها إلى مكة، ولما وصل معاوية إلى المدينة خطب فيهم وقال قد بايعنا يزيد فبايعوه، ثم توجه إلى مكة، وبعد أن أكمل الخليفة نسك الحج، ابتدأ بعبد الله بن عمر أولا، ودار بينهم حوار وقد انتهى بموافقة عبد الله بن عمر، على بيعة يزيد إذا اجتمع الناس على بيعته، وبعد ذلك جرى حوار سريع بين الخليفة وعبد الرحمن بن أبي بكر.
وكانت نتيجته الرفض التام للمبايعة وتحذير الخليفة له من إعلان رفضه قبل أن يعلن أنه بايع أمام أهل الشام لكيلا يقتلوه، فلم يعترض، وبعد ذلك لم يبقى إلا الصحابي عبد الله بن الزبير والذي قال الخليفة بأنه السبب في رفض عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، للبيعة، إلا أن عبد الله بن الزبير أجاب الخليفة بأن عليه أن يتنحى عن الإمارة إذا ملها، وأنه لا يقدر أن يبايع شخصين في الوقت ذاته وقال، إن مللت الإمارة فهلم ابنك فلنبايعه، وقد فهم الخليفة من آراء الثلاثة أنها لا تعترض على شخص يزيد فصعد المنبر وأعلن أن الثلاثة قد وافقوا على البيعة وهى موافقة مبدئية، إلا أن أهل الشام لم يرضوا وطلبوا من الخليفة أن يأمرهم بإعلان البيعة أو ضرب أعناقهم، مما أدى لغضب الخليفة عليهم ونهرهم.
وأمرهم بعدم الإساءة إلى قريش، وفي نهاية الأمر بايع الناس ليزيد بن معاويه، وكان ممن بايعه ستون صحابيا، وبعد أن بايعه الناس للخلافه، فكانت هناك آراء للصحابة، فقد قال عبد الله بن عمر بن الخطاب، إن كان خيرا رضينا، وإن كان بلاء صبرنا، وقد قال أسير بن عمرو، وكان أسير رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أتقولون إن يزيد ليس بخير أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا أفقه فيها فقها، ولا أعظمها شرفا؟ وأنا أقول ذلك، ولكن والله لئن تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أحب إلي من أن تفترق، وقد قال عبد الله بن عمرو بن العاص، إني أجد الخليفة يزيد بن معاوية، وعندما حان الأجل لمعاويه بن أبى سفيان، نادى على ابنه يزيد وقال له، يا يزيد، إذا دنا أجلي فول غسلي رجلا لبيبا.
فإن اللبيب من الله بمكان، فلينعم الغسل وليجهر بالتكبير، ثم اعمد إلى منديل في الخزانة فيه ثوب من ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقراضة من شعره وأظفاره، فاستودع القراضة أنفي وفمي وأذني وعيني واجعل ذلك الثوب مما يلي جلدي دون أكفاني، يا يزيد، احفظ وصية الله في الوالدين، فإذا أدرجتموني في جريدتي، ووضعتموني في حفرتي، فخلوا معاوية وأرحم الراحمين، وبعد وصية الخليفة ليزيد، خرج يزيد إلى قرية حوارين وفي شهر رجب توفي الخليفة معاوية بن أبي سفيان، فصلى عليه الضحاك بن قيس الفهري ودفنه في مقبرة باب الصغير، وبعدها أرسل إلى يزيد ليحضر، وبعد وصول البريد إلى يزيد ركب مسرعا إلى دمشق حيث استقبله قبل وصوله الضحاك بن قيس الفهري.
وكان الحزن باديا عليه، فسلم عليه مستقبلوه بالإمارة وعزوه في أبيه ويخفض صوته في الرد عليهم، ولم يتكلم إلا مع الضحاك بن قيس، حتى وصل إلى باب توما فظن الناس أنه سيدخل دمشق، لكن يزيد استمر بالمشي مع السور حتى وصل إلى الباب الشرقي وهو باب خالد، ثم تعداه حتى وصل إلى الباب الصغير، وبعد وصوله إلى المقبرة ذهب إلى قبر والده وصلى عليه بعد دفنه، وبعدها خرج يزيد من المقبرة راكبا على مراكب الخلافة ثم دخل البلد ونادى “الصلاة جامعة” وذهب هو إلى قصر الخضراء واغتسل ولبس ملابس حسنة ثم ذهب للمسجد وصعد المنبر وخطب في الناس، وقد أعلن في خطبته عن جمع الأعطيات مرة واحدة لا على ثلاثة مرات كما كانت في عهد والده.