الدكرورى يكتب عن عمرو بن
أمية الضمري الكناني “جزء 4”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع عمرو
بن أمية الضمري الكناني، وعند
مجلس مصعب وأسعد بن زرارة
رأى أسيد جمهرة من الناس
تصغي في اهتمام للكلمات
الرشيدة التي يدعوهم بها
مصعب إلى الله، وفاجأهم
أسيد بغضبه وثورته، فقال له
مصعب هل لك في أن تجلس
فتسمع، فإن رضيت أمرنا قبلته
وإن كرهته كففنا عنك ما تكره،
فقال أسيد هات ما عندك، وراح
مصعب يقرأ من القرآن الكريم
“حم، والكتاب المبين، إنا
جعلناه قرآنا عربيا لعلكم
تعقلون ” من سورة الزخرف،
وقد بدأ قلب أسيد يرق ووجهه
يستشرق، فقال ما أحسن هذا
الكلام وأجمله، كيف تصنعون
إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟
فقال مصعب تطهر بدنك،
وثوبك، وتشهد شهادة الحق، ثم
تصلي، فقام من فوره ليستقبل
الإسلام فاغتسل وتطهر، ثم
سجد لله رب العالمين معلنا
إسلامه، وفي شهر شعبان من
عام عشرين من الهجرة، مات
أسيد وحمل نعشه أمير
المؤمنين عمر بن الخطاب فوق
كتفه ودفن في البقيع، وأما عن
عمرو بن أميه فبعدما فشلت
خطة إغتيال النبي صلى الله
عليه وسلم، عند ذلك بعث صلى
الله عليه وسلم، عمرو بن أمية
الضمري وسلمة بن أسلم بن
حريس إلى أبي سفيان بمكة،
وذلك بعد قتل خبيب بن عدي
وصلبه على الخشبة، وخبيب
بن عدي كان صحابي من بني
جحجبا بن كلفة من الأوس.
وقيل أنه شهد غزوة بدر إلا أن
ابن إسحاق والواقدي لم يذكراه
فيمن شهد الغزوة، إلا أن المؤكد
أن خبيبا شارك غزوة أحد، ثم
شارك في سرية المنذر بن عمرو
التي بعثها النبي صلى الله عليه
وسلم، إلى أهل نجد ليعلموهم القرآن، فأحيط بهم، وقتل
معظمهم، ووقع خبيب في
الأسر، فباعوه إلى أناس من
مكة، فأخذه أبو سروعة عقبة
بن الحارث ليقتله بأبيه الذي
قتل في بدر، فخرج به إلى
التنعيم، ثم استأذنهم في صلاة
ركعتين قبل أن يقتلوه، فأذنوا
له، فكان أول من استن سُنة
الصلاة قبل القتل صبرا، ومعنى كلمة القتل صبرا.
هو أن تقطع أطرافه يداه ورجلاه، وبعد ذلك مضى عمرو بن أمية يطوف بالبيت ليلا، فرآه معاوية بن أبي سفيان فعرفه، فأخبر قريش بمكانه، فخافوه لأنه كان فاتكا في الجاهلية، وقالوا لم يأت عمرو بخير، واشتدوا في طلبه، وفي رواية لما قدما مكة حبسا جمليهما ببعض الشعاب ثم دخلا ليلا، فقال له صاحبه يا عمرو لو طفنا بالبيت وصلينا ركعتين ثم طلبنا أبا سفيان، فقال له عمرو إني أعرف بمكة من الفرس الأبلق، فقال كلا إن شاء الله، قال عمرو فطفنا بالبيت وصلينا.
ثم خرجنا لطلب أبي سفيان، فلقيني رجل من قريش فعرفني، وقال عمرو بن أمية فأخبر قريشا بي، فهربت أنا وصاحبي وصعدنا الجبل، وخرجوا في طلبنا فدخلنا كهفا في الجبل، ولقي عمرو رجلا من قريش فقتله، فلما أصبحنا، غدا رجل من قريش يقود فرسا ونحن في الغار، فقلت لصاحبي إن رآنا صاح بنا، فخرجت إليه ومعي خنجر أعددته لأبي سفيان.