الدكرورى يكتب عن الخليفة الأموي مروان بن الحكم “جزء 5”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الخليفة الأموي مروان بن الحكم “جزء 5”
ونكمل الجزء الخامس مع الخليفة الأموي مروان بن الحكم، ولم ينتقلوا إلى الشام إلا في نهاية ربيع الآخر فى سنة أربعة وستين من الهجره، أي قبيل البيعة لمروان بستة أشهر فقط، بعد أن طردهم والي عبد الله بن الزبير من المدينة؟ وكان مروان بن الحكم من سادات قريش وفضلائها، وكان عثمان بن عفان يكرمه ويعظمه، وقد قاتل مروان يوم الدار قتالا شديدا، وحرب يوم الدار، وهى فتنة مقتل عثمان بن عفان أو الفتنة الكبرى وتعرف كذلك بالفتنة الأولى، وهي مجموعة من القلاقل والاضطرابات والنزاعات، والتى أدت إلى مقتل الخليفة عثمان بن عفان في سنة خمسه وثلاثين من الهجره، ثم تسببت في حدوث نزاعات وحروب طوال خلافة علي بن أبي طالب، وكان للفتنة الكبرى أثر كبير.
في تحويل المسار في التاريخ الإسلامي، فتسببت بانشغال المسلمين لأول مرة عن الفتوحات بقتال بعضهم البعض، كما تسببت ببداية النزاع المذهبي بين المسلمين، فبرز الخوارج لأول مرة، كجماعة تطالب بالإصلاح وردع الحاكم الجائر والخروج عليه، كما برزت جماعة السبئية الغلاة، التي اتفقت على تقديم أهل البيت على جميع الناس، وغالت في حبهم، كما كانت من آثار الفتنة مقتل عدد مهول من الصحابة الكرام وكان على رأسهم عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وكما كانت من أبرز تحولات المسار، هو انتهاء عصر دولة الخلافة الراشدة والخلافة الشورية، وقيام الدولة الأُموية وبروز الخلافة الوراثية، وقد بويع مروان بن الحكم له بالخلافة من قبل بني أمية بعد موت معاوية بن يزيد.
وكان ذلك على إثر اجتماع تاريخي لكبار بني أمية وأعيانهم، وعقد في الجابية، في الثالث من ذي القعدة سنة أربعه وستين من الهجره، وقرروا فيه البيعة لمروان بن الحكم، وكان شيخا كبيرا قد تجاوز الستين، ولكن كان يتمتع بقسط وافر من الحكمة والذكاء وسداد الرأي، وكان شجاعا فصيحا يجيد قراءة القرآن، ويروي كثيرا من الحديث عن كبار الصحابة، وبخاصة عمر بن الخطاب، ويعد هو رأس بني أمية بالشام، وقد وضع المجتمعون اتفاقا تاريخيا لتجنب أسباب الفتنة والشقاق، واشترطوا أن تكون ولاية الحكم لخالد بن يزيد، من بعد مروان بن الحكم، ثم الى عمرو بن سعيد بن العاص، وكان نفوذ الأمويين قد ضعف، حيث بايعت أغلب الاقاليم الخليفة عبد الله بن الزبير، حتى الشام.
معقل نفوذ الأمويين كانت قد انقسمت بين مبايعين لمروان بن الحكم ومبايعيين لعبد الله بن الزبير وعلى رأسهم الضحاك بن قيس الذي سيطر على دمشق، وقد هاجم مروان جيش الضحاك فواقعه بمرج راهط وهزمه في شهر المحرم سنة خمسه وستين من الهجره، وبعد السيطرة على الشام، خرج مروان بجيشة إلى مصر التي كانت قد بايعت عبد الله بن الزبير ودخلها وولى ابنه عبد العزيز بن مروان عليها، وبسقوط مصر التي كانت تمد عبد الله بن الزبير بالغلال في مكة أصبح وضعة ضعيفا، وقد بعث مروان بجيشين إحداهم إلى الحجاز لمحاربة عبد الله بن الزبير والثاني لمحاربة مصعب بن الزبير شقيق عبد الله وواليه للقضاء على الشيعة، في الكوفة فى العراق، وقد انهزم الجيش الأول بينما لم يحقق الجيش الثاني أهدافه.
وقد قرر مروان بن الحكم، أن يجعل الخلافة لابنه عبد الملك، من بعده بدلا من خالد بن يزيد، كما نصت اتفاقية الجابية التاريخية، فتزوج أم خالد وهى أرملة يزيد، وأصبح دائم التحقير من شأن خالد، يكثر من سبه ويعيّره بأمه، فلما أخبر خالد أمه بذلك نقمت على مروان الذي أسفر عن حقيقة نواياه باغتصاب الخلافة من ابنها، فتحينت الفرصة للانتقام منه، وكان خالد بن يزيد بن معاوية وهو حفيد الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان وابن الخليفة الثاني يزيد بن معاوية، وهو أبو هاشم القرشي، الأموي الدمشقي، أخو الخليفة معاوية، والفقيه عبد الرحمن كان مهتما بالعلوم وراعيا للمشتغلين بها، وهو أول من اهتم من العرب بعلم الكيمياء، وقد ترجم فيه الكتب من اللغة اليونانية إلى اللغة العربية، وألف فيه رسائل.
وكان خالد من بيت الخلافة في دمشق وبعد أن تنازل أخوه معاوية بن يزيد وطلبها متنازعا عليها مع عبد الله بن الزبير، ومروان بن الحكم، فذهبت إلى مروان بن الحكم واتجه هو إلى طلب العلم، وخصوصا علم الكيمياء فأصبح من أشهر العلماء العرب، وكانت أمه هي أم هاشم فاختة بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وقد تعلم خالد بن يزيد هذه الصنعة وهى الكيمياء وقد استحضر من الأقباط المتحدثين بالعربية مثل مريانوس، وشمعون، وإصطفان الإسكندري، وطلب إليهم نقل علوم الصنعة إلى العربية.