الخليفة الأموي مروان بن الحكم “جزء 6”

الدكرورى يكتب عن الخليفة الأموي مروان بن الحكم “جزء 6”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الخليفة الأموي مروان بن الحكم “جزء 6”

ونكمل الجزء السادس مع الخليفة الأموي مروان بن الحكم، وفي إحدى الليالي، بينما كان مروان مستغرقا في نومه، وضعت أم خالد وسادة على وجهه، فلم ترفعها حتى مات، وقيل بأنها سقته لبنا دست فيه السم، وكما قيل بأنها أغرت به جواريها فخنقوه، فلما علم ابنه عبد الملك بذلك أراد قتلها، ولكن قومه نصحوه ألا يفعل حتى لا يُعيّر بأن أباه قتلته امرأة، فمات مروان وقد نجح في اخضاع الشام ومصر للأمويين بينما فشل في السيطرة على الحجاز والعراق، وقد تولى ابنه عبد الملك بن مروان الخلافة من بعده، ونجح في القضاء على عبد الله بن الزبير وبسط سيطرته على كافة الدولة الإسلامية وفتح المغرب العربي، وكانت وفاة مروان بن الحكم في الثالث من شهر رمضان سنة خمسه وستين للهجره، وعن عمر بلغ نحو خمسة وستين عاما.

وهو لم يكمل العام الأول من خلافته، وبرغم ذلك فقد استطاع أن يؤسس دولة قوية للأمويين في الشام، وتعد خلافته هي البداية الحقيقية للعهد الثاني من الحكم الأموي، وقد تميز عهده، على الرغم من قصره، بالعديد من الإصلاحات والإنجازات العسكرية والسياسية والاقتصادية، فمن الناحية العسكرية استطاع أن ينتزع مصر من قبضة ابن الزبير، كما استطاع أن يحقق انتصارا عسكريا وسياسيا آخر بانتصاره على الضحاك، في موقعة مرج راهط، ومعركة مرج راهط هي معركة دارت بين مروان بن الحكم، الذي بايعه أهل الشام، والضحاك بن قيس، الذي بايعه أهل دمشق وكان يدعو لبيعة ابن الزبير سرا، وكان ذلك على أرض منطقة مرج راهط، وقد استغرقت المعركة عشرون يوما، ولما رأى مروان رأس الضحاك بن قيس.

ساءه ذلك وقال الآن حين كبرت سني ودق عظمي وصرت في مثل ظمء الحمار، أقبلت بالكتائب أضرب بعضها ببعض، ولما انهزم الناس لحقوا بأجنادهم، فانتهى أهل حمص إليها وعليها النعمان بن بشير، فلما بلغه الخبر خرج هربا ليلا ومعه امرأته نائلة بنت عمارة الكلبي وأولاده، فتردد ليلته كلها، وفي الصباح طلبه أهل حمص، بقيادة عمرو بن الجلي الكلاعي، فقتله ورد أهله والرأس معه، وجاءت كلب من أهل حمص فأخذوا نائلة وولدها معها، ولما بلغت الهزيمة زفر بن الحارث الكلابي بقنسرين هرب منها فلحق بقرقيسيا وعليها عياض الحرشي، وكان يزيد ولاه إياها، فطلب منه أن يدخل الحمام ويحلف له بالطلاق والعتاق على أنه حينما يخرج من الحمام لا يقيم بها، فأذن له، فدخلها فغلب عليها وتحصن بها ولم يدخل حمامها.

فاجتمعت إليه قبائل قيس عيلان، وكان قد هرب معه إلى قرقيسيا شابين من بني سليم، فجاءت خيل مروان تطلبه، فقال الشابين لزفر انج بنفسك فإنا نحن مقتولين هنا بدلا عنك، فمضى زفر وتركهما فقتلا، وهرب ناتل بن قيس الجذامي عن فلسطين فلحق بابن الزبير بمكة، واستعمل مروان بعده على فلسطين روح بن زنباع واستوثقت الشام لمروان واستعمل عماله عليها، ثم بعث مروان بعث جيشا إلى المدينة بقيادة حبيش بن دلجة القيني، فسار بهم حتى انتهى للمدينة وعليها جابر بن الأسود بن عوف ابن أخي الصحابي عبد الرحمن بن عوف من قبل ابن الزبير، فهرب جابر من المدينة، ثم إن الحارث بن أبي ربيعة والي البصرة لأبن الزبير، أرسل جيشا من البصرة لنصرة ابن الزبير وجعل عليهم الحنيف بن السجف التيمي لحرب حبيش.

فلما سمع بهم حبيش سار لهم من المدينة، وأرسل عبد الله بن الزبير، العباس بن سهل بن سعد الساعدي إلى المدينة أميراً وأمره أن يسير في طلب جيش حبيش حتى يوافي الجند من أهل البصرة الذين عليهم الحنيف، فأقبل عباس في آثارهم حتى لحقهم بالربذة، فقاتلهم حبيش، فرماه يزيد بن سنان بسهم فقتله، وكان مع حبيش بن دلجة يومئذ يوسف بن الحكم الثقفي وابنه الحجاج، وهما على جمل واحد، وانهزم جيش حبيش، فأسر منهم العباس خمسمائة بالمدينة، فقال العباس بن سهل انزلوا على حكمي، فنزلوا، فقتلهم، ورجع فل حبيش للشام، ولما دخل يزيد بن سنان المدينة كان عليه ثياب بيض فاسودت مما صبوا عليه من الطيب، وانتهت بنصر مروان بن الحكم في عام أربعه وستين من الهجره.

وقد كان لهذه المعركة دور هام في استتباب أمور الدولة الأموية لمروان بن الحكم والقضاء على خصمه عبد الله بن الزبير، وذلك ليُصبح لاحقا الخليفة، كذلك استطاع مروان أن ينقل الخلافة من البيت السفياني إلى البيت المرواني في عملية سياسية، ربما تعد أول انقلاب سلمي في التاريخ الإسلامي، وكما عُني مروان بالإصلاح الاقتصادي، وإليه يرجع الفضل في ضبط المكاييل والأوزان، وهو ما ضبط عملية البيع والشراء حتى لا يقع فيها الغبن أو الغش.