الدكرورى يكتب عن إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكــــرورى
إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك، وقد امتنع جماعة من بيعته، وقيل يبايع إبراهيم في كل جمعة ألا إن أمرا أنت واليه ضائع، وقال أحمد بن زهير أقبل مروان بن محمد في ثمانين ألفا، فجهز إبراهيم لحربه سليمان بن هشام في مائة ألف، فالتقوا، فانهزم سليمان إلى دمشق، فقتلوا عثمان والحكم ولدي الوليد بن يزيد، وأقبلت خيل مروان، فاختفى إبراهيم، ونهب بيت المال، ونبش يزيد الناقص، وصلب على باب الجابية، وتمكن مروان، فأمن إبراهيم، وسليمان بن هشام، وكان باب الجابية هو باب من أبواب دمشق الرومانية في الطرف الغربي للمدينة، وهو مكرّس لكوكب المشتري الذي يمثل الإله جوبيتر، وكانت له ثلاث بوابات، الوسطى كبيرة، وعلى طرفيها بوابتان أصغر، ومن هذا الباب دخل أبو عبيدة بن الجراح.
وكان لحضور صلحا عند فتح دمشق سنة أربعه عشر من الهجره، وقد جدد أيام نور الدين الشهيد وعمل له باشورة سنة خمسمائة وستون من الهجره، ثم أيام الملك الناصر داوود الأيوبي، واليوم لم يبقي من الأبواب الثلاثة سوى الباب الجنوبي الصغير، أما حول اسمه فقد نسبه المؤرخون العرب إلى قرية الجابية في إقليم الجيدور الغربي بحوران لأن الخارج إليها يخرج منه، وهذا وهم فالاسم محرّف بالتواتر عن اسم جوپيتر الإله الروماني، وكان للخليفه لإبراهيم أربعة أولاد، ثم قتل إبراهيم يوم وقعة الزاب، وقد توفي إبراهيم عام مائه واثنين وثلاثين من الهجره، يوم الزاب، وقيل أنه قتله مروان وصلبه، وأما عن معركة الزاب الكبرى أو معركة الزاب الأعلى.
فهى معركه وقعت في الحادى عشر من جمادى الآخرة عام مائة واثنين وثلاثين من الهجره، قرب نهر الزاب الكبير وهو أحد روافد نهر دجلة، ويقع في شمال العراق، وقد وقعت المعركة بين الخليفة الأموي الأخير مروان بن محمد وعبد الله بن علي، حيث التقى الجيشان في منطقة الزاب بين الموصل وأربيل، فانهزم جيش مروان وفر إلى مصر حيث تم قتلة في مدينة أبي صير فكان آخر خلفاء بني أمية في الشام، وبمقتله انتهت عمليا الخلافة الأموية ولذلك تعد إحدى المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي، ولم ينجو من الأمويين إلا عبد الرحمن بن معاوية المُلقب بلقب عبد الرحمن الداخل، الذي بدوره فر إلى الأندلس وأسس الدولة الأموية الثانية بها.
وكانت الخلافة الأموية قد وصلت إلى مرحلة الضعف في عهد مروان بن محمد وعمت الثورة التي قام بها الخراسانيون ضده وعلا شأن بني العباس، فتوجه مروان إلى الثوار في جيش كبير، وقد زحف الخليفة الأموي مروان بن محمد بجيشه حتى وصل إلى الموصل، ونزل دجلة، وسار إليه جيش العباسيين، وعسكر على الزاب الأكبر بقيادة عبدالله بن علي فكان النهر بينهما، وأما عن سليمان بن هشام بن عبد الملك بن مروان، فهو أمير أموي، وقد ولد ونشأ في دمشق وقد غزا في عهد أبيه هشام أرض الروم، وحج بالناس سنة مائة وثلاثة عشر من الهجره، ثم سجنه الوليد بن يزيد بعد توليه الخلافة، وظل سجينا حتى تم قتل الوليد، ثم ولاه الخليفة الجديد يزيد بن الوليد بعض حروبه.
وقد طمع في الخلافة بعد تولي مروان بن محمد لها عام مائه وسبعه وعشرين من الهجره، ولكن قوات مروان هزمت قواته، فلحق الضحاك بن قيس الشيباني، إلى أن تم قتل الضحاك في العام التالي، ثم تولى أمر أصحابه شيبان الحروري، وتزوج سليمان أختا لشيبان، وتحالف معه لقتال مروان بن محمد، فهزم أيضا، فرحل بأهله إلى السند، وعندما تولى أبو العباس السفاح الخلافة، أقبل عليه سليمان، فآمنه، أقعده معه.