الدكرورى يكتب عن أبو البشر آدم عليه السلام “جزء 3”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أبو البشر آدم عليه السلام “جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع أبو البشر آدم عليه السلام، ويستدرك فيقول ” إلا عبادك منهم المخلصين” فإنه ليس للشيطان أي سلطان على عباد الله المؤمنين المتقين المخلصين، وبهذا تحدد منهجه وتحدد طريقه، إنه يقسم بعزة الله عز وجل ليغوين جميع الآدميين ولا يستثني إلا من ليس له عليهم سلطان ولا تطوعا منه ولكن عجزا عن بلوغ غايته فيهم، وبهذا يكشف عن الحاجز بينه وبين الناجين من غوايته وكيده، والعاصم الذي يحول بينهم وبينه وإنه عبادة الله التي تخلصهم لله وهذا هو طوق النجاة، وحبل الحياة، وكان هذا وفق إرادة الله تعالي وتقديره في الردى والنجاة، فأعلن سبحانه وتعالى إرادته وحدد المنهج والطريق قائلا سبحانه ” لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين” فهي المعركة إذن بين الشيطان وأبناء آدم، يخوضونها على علم.
والعاقبة مكشوفة لهم في وعد الله الصادق الواضح المبين، وعليهم تبعة ما يختارون لأنفسهم بعد هذا البيان، وقد شاءت رحمة الله تعالي ألا يدعهم جاهلين ولا غافلين، فأرسل إليهم المنذرين، بعد أن خلق الله عز وجل آدم خلق منه حواء، كما قال سبحانه وتعالي ” يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحده وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا وأتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيبا” وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله أنبيّ كان آدم ؟ “قال نعم، مكلم” قال فكم كان بينه وبين نوح ؟ قال “عشرة قرون ” رواه ابن حبان، وإن عمر آدم عليه السلام هو ما بينه الحديث إن الله عز وجل لما خلق آدم مسح ظهره فأخرج منه ما هو من ذراري إلى يوم القيامة، فجعل يعرض ذريته عليه فرأى فيهم رجلا يزهر.
فقال أي رب من هذا؟ قال هذا ابنك داود، قال أي رب كم عمره؟ قال ستون عاما، قال رب زد في عمره، قال لا، إلا أن أزيده من عمرك، وكان عمر آدم ألف عام، فزاده أربعين عاما، فكتب الله عز وجل عليه بذلك كتابا وأشهد عليه الملائكة، فلما احتضر آدم وأتته الملائكة لتقبضه قال إنه قد بقي من عمري أربعون عاما، فقيل إنك قد وهبتها لابنك داود قال ما فعلت، وأبرز الله عز وجل عليه الكتاب وشهدت عليه الملائكة” رواه أحمد والترمذى، وإن جميعنا ابناء ادم عليه السلام فهو اول من خلق من البشر واول من سكن الارض وخلقه الله بيده ونفخ فيه بروحه وامر من ملائكته ان تسجد لادم احتراما وتقديرا له لا عباده له ولقد كان طول آدم ستين ذراعا، وكان وافر الشعر شبهه رسول الله صلي الله عليه وسلم في الطول بالنخلة السحوق، فلما خلقه الله.
قال اذهب فسلم على أولئك وهم نفر من الملائكه جلوس، فاستمع ما يُحيُونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال السلام عليكم، فقالوا السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله، وقيل أن كل من يدخل الجنه يكون على صورة آدم في الطول، فعن ابي هريره رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال ” أن أهل الجنه يدخلون الجنه على خلق آدم ستين ذراعا في عرض سبعة أذرع ” رواه أحمد، ثم يروي القرآن الكريم قصة السر الإلهي العظيم الذي أودعه الله تعالي هذا الكائن البشري وهو يسلمه مقاليد الخلافة، فيقول تعالي ” وعلم آدم الأسماء كلها” وسر القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات وسر القدرة على تسمية الأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها، وهي ألفاظ منطوقة، ورموزا لتلك الأشخاص والأشياء المحسوسة، وهي قدرة ذات قيمة كبرى.
في حياة الإنسان على الأرض، وندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى ولو لم يوهب الإنسان القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات والمشقة في التفاهم والتعامل وحين يحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء بذاته أمامهم ليتفاهموا بشأنه، والشأن شأن نخلة فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا باستحضار جسم النخلة والشأن شأن جبل، فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بالذهاب إلى الجبل، والشأن شأن فرد من الناس فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بتحضير هذا الفرد من الناس وإنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة، وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لم يودع الله عز وجل هذا الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات، أما الملائكة الكرام فلا حاجة لهم بهذه الخاصية لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم، ومن ثم لم توهب لهم.