والي مصر عبد الله بن عبد الملك ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن والي مصر عبد الله بن عبد الملك ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

والي مصر عبد الله بن عبد الملك ” جزء 1″

ومع الخلافة الأموية ومع والي وأمير من أمراء الدولة الأموية ألا وهو عبد الله بن عبد الملك ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وكان يكنى أبا عمر، وقد تولى إمارة مصر من قبل أبيه عبد الملك بن مروان، على صلاتها وخراجها، فدخلها يوم الاثنين لإحدي عشرة ليلة خلت من شهر جمادى الآخرة سنة ست وثمانين هجرية، وهو يومئذ ابن سبع وعشرين سنة، وقد تقدم إليه أبواه أن يعفي آثار عمه عبد العزيز، لمكانه من ولايه العهد، فاستبدل بالعمال عمالا، وبالأصحاب أصحابا، وأراد عبد الله بن عبد الملك عزل عبد الرحمن بن معاوية بن حديج عن الشرط، فلم يجد عليه مقالا، ولا متعلقا، فولاه مرابطة الإسكندرية، وجعل على الشرط عمران بن عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة، وهو حليف بني زهرة، وجمع له القضاء والشرط.

وأما عن معاوية بن حديج، فهو معاوية بن حديج بن جفنة بن قتيرة التجيبي الكندي، ويكنى بأبي نعيم، وهو قائد عسكري حليف لبني أمية، وهو صحابي على قول الأكثرين، وقد شهد فتح مصر، وهو الذي وفد إلى عمر بن الخطاب بفتح الإسكندرية، وقد شهد معركة اليرموك فى العام الخامس عشر من الهجره، ثم شهد فتح مصر سنة عشرين من الهجره، وشهد كذلك مع عبد الله بن سعد بن أبي السرح، قتال البربر وولي حروبا كثيرة في بلاد المغرب وكان أمير وقائد الكتائب في فتح أفريقيا، وقد غزا النوبة فأصيبت عينه هناك وأصبح أعورا، وقد شن هجوما مفاجئا على صقلية سنة أربعة وأربعين من الهجرة، وقد ولي على برقة سنة سبعة وأربعين من الهجرة، وكان معاوية بن حديج، عثمانيا في أيام علي بن أبي طالب بمصر، ولم يبايع عليا بالكلية، فلما أخذ معاوية بن أبى سفيان مصر.

أكرمه ثم استنابه بها بعد عبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه ناب بها بعد أبيه سنتين، ثم عزله معاوية بن أبى سفيان، وولى معاوية بن حديج، فلم يزل بمصر حتى مات بها في سنة اثنين وخمسين هجرية، ونعود إلى عبد الله بن عبد الملك وكان بعد أن توفي أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شوال سنة ست وثمانين هجرية، وبويع الوليد بن عبد الملك بالخلافه، فخرج عبد الرحمن بن معاوية بن خديج، وأخذ له بيعة أهل مصر، فأقر الوليد بن عبد الملك، أخاه عبد الله بن عبد الملك، على صلاة مصر وخراجها، وقد أمر عبد الله بن عبد الملك بالدواوين، فنسخت بالعربية، وكانت قبل ذلك تكتب بالقبطية، وصرف عبد الله أثيناس عن الديوان، وجعل عليه ابن يربوع الفزاري من أهل حمص، ومنع عبد الله من لباس البرانس، وذلك في سنة سبع وثمانين للهجرة.

وقد قام عبد الله بن عبد الملك ببناء المسجد المعروف اليوم بمسجد عبد الله، وفي ولايته غلت الأسعار بمصر وترعت، فتشاءم به المصريون، وهي أول شدة رأوها، وزعموا أنه ارتشى، وكثروا عليه، وسموه مكيسا، ثم قدم عبد الله بن عبد الملك، إلى أخيه الوليد بن عبد الملك، في شهر صفر سنة ثمان وثمانين من الهجره، واستخلف عليها عبد الرحمن بن عمرو بن قحزم الخولاني، وكان أهل مصر فى ذلك الوقت في شدة عظيمة، فقال زرعة بن سعد الله بن أبي زمزمة الخشني ” إذا سار عبد الله بن عبد الملك من مصر خارجا، فلا تعجل تلك البغال الخوارج، أتى مصر والمكيال وافى مغربل، فما سار حتى سار، والمد فالج، فأهدر عبد الله بن عبد الملك دمه عندما قال هذا الكلام عنه، فهرب إلى المغرب، وكتب إلى الوليد بن عبد الملك ألا لا تنه عبد الله عنى، كما قد قال يجعلنى نكالا.

ولم أشتم لعبد الله عرضا، ولم آكل لعبد الله مالا، وسخط عبد الله بن عبد الملك، على عمران بن عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة، فصرفه عن الشرط والقضاء وسجنه، وذلك في صفر سنة تسع وثمانين هجرية، وجعل مكانه على الشرط عبد الأعلى بن خالد بن ثابت بن ظاعن الفهمي، وعلى القضاء عبد الواحد بن عبد الرحمن بن معاوية بن خديج، وأمر عبد الله بن عبد الملك بسقف المسجد أن يرفع سمكه، وكان سقفه مطأطئا، وذلك في سنة تسع وثمانين هجرية، وأما عن عمران بن عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة، وهو حفيد شرحبيل بن حسنة وهو يعتقد أنه نسب إلى أمه حسنة العدوية ولا يعرف شيء عن أبيه وهو صحابي من صحابة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية وكان من قادة جيش أبي عبيدة عامر بن الجراح وفاتح غور الأردن.