الدكرورى يكتب عن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك “جزء 4”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك “جزء 4”
ونكمل الجزء الرابع مع الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، وكانت من أعظم فتوحات الوليد بن عبد الملك أيضا هى فتح الأندلس، وكان من أسباب فتح الأندلس هو إقبال البربر على اعتناق الإسلام بعد تمام فتح المغرب وتوقهم للغزو والجهاد في سبيل الله، وفي نفس الوقت شجع والي طنجة الرومي يُليان المسلمين على مهاجمة الأندلس بسبب خلاف كبير وقع بينه وبين الملك لُذريق بسبب اعتداء الأخير على ابنته واغتصابها عندما كانت تقيم في بلاطه، وفق ما تتفق عليه المصادر العربية والإسلامية، وكذلك لأن المسلمين رأوا توجيه جهود الفتح والغزو نحو بلاد حضرية غنية تفيد الدولة الأموية وعموم المسلمين، بدل تحويله نحو الواحات والبلاد الصحراوية، ولرغبتهم في الاستمرار بنشر الإسلام.
في البلدان المجاورة، وتم فتح الأندلس خلال فترة قياسية نسبيا، واعترف المسلمون بعد خضوع شبه الجزيرة الأيبيرية لهم بحقوق النصارى واليهود في إقامة شعائرهم الدينية نظير جزية سنوية، كما هو الحال مع سائر أهالي البلاد المفتوحة من المسيحيين واليهود، وأقبل معظم القوط على اعتناق الإسلام وامتزجوا مع الفاتحين الجدد، وانسحب قسم آخر منهم نحو الشمال الأيبيري الذي لم يخضع طويلا للمسلمين، وقد عاد قائدا الفتح موسى بن نصير وطارق بن زياد إلى عاصمة الخلافة دمشق بأمر من الخليفة الوليد بن عبد الملك سنة سته وتسعين من الهجره، حيث لم يمارسا أي عمل سياسي أو عسكري بعد ذلك لأسباب اختلف فيها المؤرخون، ولف الغموض نهاية طارق بن زياد خصوصا حيث لم يعرف ما حل به.
بعيد وصوله إلى دمشق، وكذلك فكان اهتمامه بشؤون الدولة عظيم جدا، فقد أمن طرق الدولة في مختلف الاتجاهات من دمشق إلى الحجاز وإلى أفريقية وإلى كافة الاتجاهات كما حفر الآبار على طول هذه الطرق، ووظف من يعنى بهذه الآبار ويمد الناس بمياهها، وكان هو أول من أقام المستشفيات في الإسلام وحجز المجذومين وأجرى لهم الأرزاق، وأعطى لكل أعمى قائدا ولكل مقعدا خادما، يتقاضون نفقاتهم من بيت المال في دمشق، وتعهد الأيتام وكفلهم ورتب المؤدبين، وأقام بيوتا ومنازل لإقامة الغرباء، وقد اهتم الوليد بالعمران في مدن الدولة الأموية وفي عاصمتها دمشق وأنشأ الطرق بخاصة الطرق المؤدية إلى الحجاز والجزيرة واهتم بالعمران وبيوت الرعاية ومن آثار الوليد الخالدة في العمارة الجامع الأموي.
بدمشق وكان يعد من عجائب الدنيا، ولا يزال حتى اليوم ناطقا بعظمة الوليد ويعد من معالم الإسلام الخالدة عبر العصور ومن آثاره عمارة المسجد النبوي والمسجد الأقصى الذي بدأ به أبوه، للوليد الكثير من المحاسن في العدل وتوحيد المسلمين وبناء الدولة بكل عظمتها، والوليد بن عبد الملك هو الخليفة الأموي هو أول من أنشأ المستشفيات في الإسلام، وقدم المعونة والمساعدة للمحتاج واقام دور الرعاية وجعل لذلك موظفين، وقد شاع بناء المستشفيات في العصر الأموي حتى أصبح في الكثير من المدن الإسلامية، ولم يكن المغرب الإسلامي اقل اهتماما من المشرق ببناء المستشفيات، إذ كان في قرطبة أيام الدولة الأموية خمسين مستشفى.
وقد نجح الوليد في مدة خلافته التي لم تتجاوز عشر سنوات أن يقيم دولة عظيمة، وأن ينعم الناس في ظلها بالرخاء، وأن تنشط حركة العمران، وتزدهر الثقافة وحلقات العلم في المساجد الكبرى، حتى صارت دولته أقوى دولة في العالم آنذاك، ولم تطل به الحياة وتوفي الخليفه الوليد بن عبد الملك، في نصف شهر جمادى الآخرة من عام سته وتسعين من الهجره، بمنطقة دير مروان بغوطة فى دمشق ودفن في دمشق وكان عمره ثمانيه وأربعين سنة وكانت مدة حكمه عشر سنوات وبضعة أشهر، وكان الذي صلى عليه هو عمر بن عبد العزيز، لأن أخاه سليمان بن عبد الملك كان بالقدس، وهو الذي أنزله إلى قبره وقال حين أنزله لننزلنه غير موسد ولا ممهد، قد خلفت الأسلاب وفارقت الأحباب، وسكنت التراب، وواجهت الحساب فقيرا إلى ما قدمت غنيا عما أخرت، وقيل أنه كان له من الأولاد الذكور تسعة عشر إبنا.