نبي الله يونس عليه السلام “جزء 3”

الدكرورى يكتب عن نبي الله يونس عليه السلام “جزء 3”

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

نبي الله يونس عليه السلام “جزء 3”

ونكمل الجزء الثالث مع نبي الله يونس عليه السلام، سار حتى وصل إلى شاطئ البحر فوجد قوما في سفينة في البحر، فطلب من أهلها أن يركبوه معهم فتوسموا فيه خيرا فأركبوه معهم في السفينة، وسارت بهم السفينة تشق عباب البحر، فلما توسطوا البحر جاءت الرياح الشديدة وهاج البحر بهم واضطرب بشدة حتى وجلت القلوب، فقال من في السفينة إن فينا صاحب ذنب، فأسهموا واقترعوا فيما بينهم على أن من يقع عليه السهم يلقونه في البحر، فلما اقترعوا وقع السهم على نبي الله يونس عليه الصلاة والسلام، ولكن لما توسموا فيه خيرا لم يسمحوا لأنفسهم أن يلقوه في البحر، فأعادوا القرعة ثانية فوقعت عليه أيضا، فشمر يونس عليه السلام ليلقي بنفسه في البحر فأبوا عليه ذلك لما عرفوا منه خيرا، ثم أعادوا القرعة ثالثة فوقعت القرعة عليه أيضا.

فما كان من يونس عليه السلام إلا أن ألقى بنفسه في البحر لأنه كان يعتقد أنه لا يصيبه هلاك بالغرق، وعندما ألقى نبي الله يونس عليه السلام بنفسه في البحر وكّل الله تبارك وتعالى به حوتا كبيرا فالتقمه وابتلعه ابتلاء له على تركه قومه الذين أغضبوه دون إذن، فدخل نبي الله يونس عليه السلام إلى جوف الحوت تحفه عناية الله، حتى صار وهو في بطن الحوت في ظلمات حالكة ومدلهمة ثلاث وهي ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت، ثم إن الحوت بقدرة الله تعالى لم يضر يونس ولم يجرحه ولم يخدش له لحما ولم يكسر له عظما، وسار الحوت وفي جوفه يونس عليه السلام يشق به عباب البحر حتى انتهى به إلى أعماق المياه في البحر، وهناك سمع يونس عليه الصلاة والسلام وهو في بطن الحوت حسا وأصواتا غريبة فقال في نفسه ما هذا؟

فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت إن هذا تسبيح دواب البحر، فما كان من نبي الله يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت وفي تلك الظلمات المدلهمة إلا أن أخذ يدعو الله عز وجل ويستغفره ويسبحه تبارك وتعالى، فقال تعالي في سورة الأنبياء “وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين” وسمعت ملائكة السماء تسبيحه لله عز وجل وسألوا الله تعالى أن يُفرّج الضيق عنه، والمقصود أنه لما جعل الحوت يطوف به في قرار البحار اللجية، ويقتحم به لجج الموج الأجاجي فسمع تسبيح الحيتان للرحمن وحتى سمع تسبيح الحصى لفالق الحب والنوى، ورب السماوات السبع والأرضين السبع وما بينها وما تحت الثرى، فعند ذلك وهنالك.

قال ما قال بلسان الحال والمقال كما أخبر عنه ذو العزة والجلال، الذي يعلم السر والنجوى ويكشف الضر والبلوى، وسامع الأصوات وإن ضعفت وعالم الخفيات وإن دقت ومجيب الدعوات وإن عظمت، حيث قال في كتابه الكريم “وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين” واستجاب الله تعالى دعاءه ونجاه من الغم والكرب والضيق الذي وقع فيه لأنه كان من المُسبّحين له في بطن الحوت والذاكرين، وأمر الله تعالى الحوت أن يلقيه في البر فألقاه الحوت بالعراء وهو المكان القفر الذي ليس فيه أشجار والأرض التي لا يُتوارى فيه بشجر ولا بغيره، ويونس عليه السلام مريض ضعيف.