نبي الله إسماعيل عليه السلام “جزء 5” 

الدكروري يكتب عن نبي الله إسماعيل عليه السلام “جزء 5” 

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبي الله إسماعيل عليه السلام “جزء 5”

ونكمل الجزء الخامس مع نبي الله إسماعيل عليه السلام، وها هو قد صدر الأمر الإلهي ببناء بيت الله الحرام فى نفس المكان الذى ترك فيه إبراهيم عليه السلام، إسماعيل عليه السلام وهو طفل رضيع مع أمه هاجر، وهو أول بيت وضع للناس فى الأرض، وهو أول مكان يعبد فيه الإنسان ربه، وبدأ بناء الكعبة، وقد غاب الخليل إبراهيم عليه السلام، مدة لم يري خلالها ابنه إسماعيل عليه السلام، حتى أمره الله سبحانه تعالى، أن يبني له بيتا في مكة، يكون مثابة للناس، ولم يعرف إبراهيم أين يبني البيت، وتحير في الأمر، فبعث الله عزوجل جبريل عليه السلام، فأشار إليه بالمكان المناسب، وقيل في رواية أنه جاءه بالقواعد من الجنة، وقصد إبراهيم عليه السلام، منزل ولده إسماعيل، وأبلغه الأمر الإلهي، فقال إسماعيل عليه السلام، تبنيه وأساعدك، وبدأ إسماعيل بنقل الأحجار.

من ذي طوى وجبل أبي قبيس، وراح إبراهيم عليه السلام، يبني البيت ويدعو مع إسماعيل “ربنا تقبّل منا إنك أنت السميع العليم” ورفع إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بناء البيت، حتى بلغ يوم بنائه تسعة أذرع، وقد جعلا له بابين شرقيا وغربيا يسمى المستجار، وانتهى بناء البيت وأراد إبراهيم أن يضع حجرا مميزا يكون علامة خاصة يبدأ منها الطواف حول الكعبة، وأمر إسماعيل أن يأتيه بحجر مميز يختلف عن لون الحجارة المستخدمة فى البناء وسار إسماعيل عليه السلام على قدر ما فى وسعه من جهد وذلك تلبيه لأمر أبيه، وحين عاد كان الخليل إبراهيم عليه السلام، قد وضع الحجر الأسود فى مكانه فقال له إسماعيل عليه السلام من الذى أحضره إليك؟ قال أحضره جبريل عليه السلام، ثم إن جبريل عليه السلام، دل إبراهيم على موضع الحجر.

الذي كان الله تعالى قد أنزله على آدم، والذي يروى أنه كان أشد بياضا من الثلج، وإنما اسود بعدما لمسته أيادي الكفار، فأخذ إبراهيم عليه السلام، الحجر الأسود ذاك، ووضعه في المكان الذي هو فيه اليوم، وانتهى بناء الكعبة وبدأ طواف الموحدين والمسلمين، وعند انتهاء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، من بناء بيت الله الحرام، عهد الله إليهما أن يقوما على خدمته، حيث قال الله تعالي ” وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركّع السجود” وجعله مثابة للناس، وأمرهم باتخاذه مصلى، فقال تعالي ” وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى” ثم أمر الله سبحانه خليله إبراهيم عليه السلام، أن يعلو ركنا من أركان البيت، وينادي في الناس ألا هلم إلى الحج، ويقول الله عز وجل.

” وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على مارزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير، ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوَّفوا بالبيت العتيق” ولما أحس نبي الله إبراهيم عليه السلام، بقرب وفاته، أوصى ابنه إسماعيل عليه السلام، أن يقوم بخدمة بيت الله الحرام، ويدبر شؤونه، وهكذا كان، فبعد وفاة إبراهيم عليه السلام، قام إسماعيل برعاية البيت والسهر على شؤونه، ثم إن الله سبحانه وتعالى نبأه وأرسله إلى العماليق وقبائل اليمن، فأخذ ينهاهم عن عبادة الأوثان ودعاهم إلى عبادة الرحمن، الواحد الأحد الفرد الصمد، فآمن بعضهم وكفر آخرون، والنبي إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، هو أبو العرب، وعاش مائة وسبعا وثلاثين سنة على مايذكر الرواة.

وقد رزق عليه السلام، من الأولاد اثنا عشر ذكرا هم فائت، قيدار، إربل، ميم، مسمع، دوما، دوام، ميشا، حداد، حيم، قطورا، وماش، ويذكر أن نبي الله إسماعيل عليه السلام، لما أحس بدنو أجله، أوصى إلى أخيه إسحاق بتدبير شؤون البيت الحرام، وتوفي عليه السلام، ويقال أنه دفن في المسجد الحرام في المكان الذي فيه الحجر الأسود، ومات عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة بعد أن أدى رسالة ربه وبلغ ما أمره الله بتبليغه، ودعا إلى دين الإسلام وإلى عبادة الله الملك الديان، ويقال أنه دُفن عليه السلام قرب أمه هاجر في الحجر، وتتضمن قصة نبى الله إسماعيل عليه السلام عددا من المضامين التي فيها العبر والمواعظ، وهي مواعظ عميقة قد تجلت فيها حكمة الله تعالى، وبدا واضحا فيها تربية الأنبياء ونشأة أبنائهم وأهلهم، وكيف أن إبراهيم عليه السلام امتثل لأمر ربه.