الدكروري يكتب عن الخليفة العباسي أبو جعفرالمنصور “جزء 4”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الخليفة العباسي أبو جعفرالمنصور “جزء 4”
ونكمل الجزء الرابع مع الخليفة العباسي أبو جعفرالمنصور، فأرسل إليهم المنصور جيشا بقيادة جمهور بن مرار العجلي، فهزمهم واسترد الأموال والسبايا، ولا يكاد أبو جعفر يتخلص من سنباذ، حتى واجه ثائرا ينادى بخلع المنصور، إنه جمهور بن مرار العجلي، قائد جيوش المنصور التي هزمت سنباذ، ولما هزم جمهور، سنباد، واسترد الأموال، وكانت خزائن أبي مسلم الخراساني من بينها، فطمع جمهور، فلم يرسل المال إلى الخليفة المنصور، بل ونقض البيعة ونادى بخلع المنصور، فماذا كان؟ أرسل المنصور القائد الشجاع محمد بن الأشعث، على رأس جيش عظيم، فهزم جمهور، الذي فر هاربا إلى أذربيجان، وكانت الموقعة في سنة مائه وسبعه وثلاثين من الهجره، وكانت هناك ثورات متتالية كانت تهدد الحياة وتحول دون الاستقرار والأمن.
في بداية حكم العباسيين، ومنها ثورات للخوارج الذين أصبحوا مصدر إزعاج للدولة العباسية، ولقد خرج آنذاك مُلبّد بن حرملة الشيباني، في ألف من أتباعه بالجزيرة من العراق، وانضم إليه الكثيرون، فغلب بلادا كثيرة، إلى أن تمكنت جيوش المنصور بقيادة خازم بن خزيمة من هزيمته في سنة مائة وثمانيه وثلاثين من الهجره، وتحرك الخوارج مرة ثانية في خلافة المنصور سنة مائه وثمانيه وأربعين من الهجره، بالموصل تحت قيادة حسا بن مجالد الهمداني، إلا أن خروجه هو الآخر قد باء بالفشل، وواجه الخليفة المنصور العباسي ثورات منحرفة لطوائف أخرى، فقد واجه المنصور ثورة أخرى لطائفة من الخوارج يقال لها الراوندية ينتسبون إلى قرية راوند، وهى قريه من أصفهان، وإنهم يؤمنون بتناسخ الأرواح، ويزعمون أن روح آدم انتقلت.
إلى رجل يسمى عثمان بن نهيك، وأن جبريل هو الهيثم بن معاوية وهو رجل من بينهم، بل لقد خرجوا عن الإسلام زاعمين أن ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم هو أبو جعفر المنصور، فراحوا يطوفون بقصره قائلين هذا قصر ربنا، ولم يكن ينفع هؤلاء إلا القتال، فقاتلهم المنصور حتى قضى عليهم جميعا بالكوفة، وقد رغب الخليفة أبو جعفر المنصور في بناء عاصمة جديدة لدولته بعيدة عن المدن التي يكثر فيها الخروج على الخلافة كالكوفة والبصرة، وتتمتع باعتدال المناخ وحسن الموقع، فاختار بغداد على شاطئ دجلة، ووضع بيده أول حجر في بنائها سنة مائه وخمسه وأربعين من الهجره، واستخدم عددا من كبار المهندسين للإشراف على بنائها، وجلب إليها أعدادا هائلة من البنائين والصناع، فعملوا بجد وهمة حتى فرغوا منها.
في عام سنة مائة وتسعة وأربعين من الهجرة، وانتقل إليها الخليفة وحاشيتة ومعه دواوين الدولة، وأصبحت منذ ذلك الحين عاصمة الدولة العباسية، وأطلق عليها مدينة السلام، تيمنا بدار السلام وهو اسم من أسماء الجنة، أو نسبة إلى نهر دجلة الذي يسمى نهر السلام، ولم يكتفي المنصور بتأسيس المدينة على الضفة الغربية لدجلة، بل عمل على توسيعها سنة مائه وواحد وخمسين من الهجره، بإقامة مدينة أخرى على الجانب الشرقي سماها الرصافة، وجعلها مقرا لابنه وولي عهده المهدي، وشيد لها سورا وخندقا ومسجدا وقصرا، ثم لم تلبث أن عمرت الرصافة واتسعت وزاد إقبال الناس على سكناها، ولكن يجب أن نعلم أولا نشأة الدوله العباسيه، حيث تعود نشأة الدولة العباسية في البداية إلى السبب وراء انطلاق الدعوة العباسية التي استمرت قرابة ثلثه وثلاثين عاما.
حيث انطلقت الدعوة من الكوفة وخراسان آنذاك، وانتهت بمبايعة أبي العباس خليفة للمسلمين في الكوفة في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام مائه واثنين وثلاثين من الهجرة، وذلك بعد أن ظهر إلى الناس في خطبة الجمعة، وقَسم المؤرخون عهد الخلافة العباسية إلى أربع عصور مختلفة وفقا لازدهارها والقوة التي تملك النفوذ في كل عصر من العصور، وعند الاطلاع إلى تاريخ نشأة الدولة العباسية، فإن السبب وراء انطلاق الدعوة كان عند زيارة عبد الله بن محمد إلى الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، حيث قام بالترحيب به، وأراد بعدها فلسطين فلحقه من أشرب لبنا مسموما، ولما نزل في جوفه علم أنه ميت، فقد شعر عبد الله بن محمد شعر بالمرض ودنو أجله، ولذلك شاع الخبر بأن الخليفة سليمان بن عبد الملك قام بتسميمه.