الخليفة العباسي أبو جعفرالمنصور “جزء 7”

الدكروري يكتب عن الخليفة العباسي أبو جعفرالمنصور “جزء 7”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الخليفة العباسي أبو جعفرالمنصور “جزء 7”

ونكمل الجزء السابع مع الخليفة العباسي أبو جعفرالمنصور، وهي باب الدولة أو باب خراسان، وباب الكوفة، وباب الشام، وباب البصرة، وشهدت مدينة السلام بعدها تطورا واسعا في المجالات الثقافية والعلمية والحضارية، وكان ظهور الراوندية القائلين بالتناسخ قتلهم المنصور وفيها فتحت طبرستان، وقد شرع علماءالإسلام في هذا العصر في تدوين الحديث والفقه والتفسير فصنف ابن جريج بمكة ومالك الموطأ بالمدينة والأوزاعي بالشام وابن أبي عروبة وحماد بن سلمة وغيرهما بالبصرة ومعمر باليمن وسفيان الثوري بالكوفة وصنف ابن إسحاق المغازي وصنف أبو حنيفة رحمه الله الفقه والرأي ثم بعد يسير صنف هشيم و الليث وابن لهيعة ثم ابن المبارك وأبو يوسف وابن وهب وكثر تدوين العلم وتبويبه ودونت كتب العربية واللغة والتاريخ.

وأيام الناس وقبل هذا العصر كان الأئمة يتكلمون من حفظهم أو يروون العلم من صحف صحيحة غير مرتبة، وكان خروج الأخوين محمد وإبراهيم ابني عبد الله ابن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فظفر بهما المنصور فقتلهما وجماعة كثيرة من آل البيت، وكان المنصور أول من أوقع الفتنة بين العباسيين والعلويين، وكانوا قبل شيئا واحدا وآذى المنصور خلقا من العلماء ممن خرج معهما أو أمر بالخروج قتلا وضربا وغير ذلك منهم أبو حنيفة وعبد الحميد بن جعفر وابن عجلان وممن أفتى بجواز الخروج مع محمد على المنصور مالك بن أنس رحمه الله، وكانت غزوة قبرس، وقد خلع المنصور عمه عيسى بن موسى من ولاية العهد وكان السفاح عهد إليه من بعد المنصور، وكان عيسى هو الذي حارب له الأخوين فظفر بهما فكافأه بأن خلعه مكرها.

وعهد إلى ولده المهدي، وقد توطدت الممالك كلها للمنصور وعظمت هيبته في النفوس ودانت له الأمصار ولم يبق خارجا عنه سوى جزيرة الأندلس فقط فإنها غلب عليها عبد الرحمن بن معاوية الأموي المرواني لكنه لم يتلقب بأمير المؤمنين بل بالأمير فقط وكذلك بنوه، وقد فرغ من بناء بغداد، وقد خرجت الجيوش الخراسانية عن الطاعة مع الأمير أستاذ سيس واستولى على أكثر مدن خراسان وعظم الخطب واستفحل الشر واشتد على المنصور الأمر، وبلغ ضريبة الجيش الخراساني ثلاثمائة ألف مقاتل ما بين فارس وراجل فعمل معهم أجشم المروزي مصافا فقتل أجشم واستبيح عسكره فتجهز لحربهم خازم بن خزيمة في جيش عرمرم يسد الفضاء فالتقى الجمعان وصبر الفريقان وكانت وقعة مشهورة يقال قتل فيها سبعون ألفا وانهزم أستاذ سيس.

فالتجأ إلى جبل وأمر الأمير خازم في العام الآتي بالأسرى فضربت أعناقهم وكانوا أربعة عشر ألفا ثم حاصروا أستاذ سيس مدة ثم سلم نفسه فقيدوه وأطلقوا أجناده وكان عددهم ثلاثين ألفا، وقد بني الرصافة وشيدها، وقد ألزم المنصور رعيته بلبس القلانس الطوال فكانوا يعلمونها بالقصب والورق ويلبسونها السواد فقال أبو دلامة وكنا نرجي من إمام زيادة، فزاد الإمام المصطفى في القلانس تراها على هام الرجال كأنها، دنان يهود جللت بالبرانس، وقد أمر المنصور نائب مكة بحبس سفيان الثوري وعباد بن كثير فحبسا وتخوف الناس أن يقتلهما المنصور إذا ورد الحج فلم يوصله الله مكة سالما بل قدم مريضا ومات وكفاهما الله شره، كانت وفاته بالبطن في ذي الحجة عندما كان ذاهبا للحج، ودفن بين الحجون وبين بئر ميمون.