الدكرورى يكتب عن القائد الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي “جزء 1”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
القائد الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي “جزء 1”
الوالي والقائد الحجاج بن يوسف الثقفي، هو أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، السفياني الثقفي، وهو سياسي أموي، وقائد عسكري، من أشهر الشخصيات في التاريخ الإسلامي والعربي، وهو طاغية متجبر وقد عُرف بلقب المبير،أى المبيد، وهو خطيب بليغ، وقد لعب دورا كبيرا في تثبيت أركان الدولة الأموية، وسير الفتوح، وتخطيط المدن، وبنى مدينة واسط، وقد حاصر مكة المكرمة وهدم الكعبة بالمنجنيق، وأحرقها وقد اختلط في المخيلة الشعبية بروايات مبالغ فيها تدل على ميراث الرعب الهائل الذي خلفه، وقيل أن الحجاج الثقفي كان قبيح الوجه وصغير الجسد، ولكن كان فصيحا وبليغا وخطيبا جبارا، وقد كان ناصبيا يبغض الإمام علي بن أبي طالب.
وذلك في هوى بني أمية وكان جبارا عنيدا مقداما على سفك الدماء بأدنى شبهة، وكان حقودا حسودا كما وصف نفسه لعبد الملك بن مروان، وكان سياسيا محنكا وقائدا مدبرا، وكثيرا ما استخدم المكر والخداع لكي ينتصر في حروبه، وقد وُلد الحجاج بن يوسف الثقفي في منازل ثقيف بمدينة الطائف، في عام الجماعة واحد وأربعين هجريه وكان اسمه كليب ثم أبدله بالحجاج، وأمه هى، الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي الصحابي الشهيد، وكان الأمويون هم السلالة الإسلامية الأولى التي حكمت بعد العهد الراشدي، وقد امتدت خلافتهم ما يقرب من تسعين سنه، ويعد معاوية بن أبي سفيان هو مؤسس هذه السلالة، الذي كان على ولاية الشام في خلافة عمر بن الخطاب، وقد انتقلت الخلافة إلى الفرع السفياني بعد وفاة الحسن بن علي.
وانتهت الخلافة الأموية بخلافة مروان بن محمد بن الحكم، حيث سقط الحكم الأموي على يد العباسيين، وقد كان للأمويين ولاة على الأمصار في الدولة، ومن هؤلاء الولاة الحجاج بن يوسف الثقفي الذي تولى الحجاز، ثم تولى العراق وبقي فيها عشرين عاما حتى مات، وقد نشأ في الطائف، وتعلم القرآن والحديث والفصاحة، ثم عمل في مطلع شبابه معلم صبيان مع أبيه، يعلم الفتية القرآن والحديث، ويفقههم في الدين، لكنه لم يكن راضيا بعمله هذا، على الرغم من تأثيره الكبير عليه، فقد اشتهر بتعظيمه للقرآن، وكانت الطائف تلك الأيام بين ولاية عبد الله بن الزبير، و بين ولاية الأمويين، لكن أصحاب عبد الله بن الزبير تجبروا على أهل الطائف، فقرر الحجاج الإنطلاق إلى الشام، حاضرة الخلافة الأموية المتعثرة، التي تركها مروان بن الحكم نهبا بين المتحاربين
وقد تختلف الأسباب التي دفعت الحجاج إلى اختيار الشام مكانا ليبدأ طموحه السياسي منه رغم بعد المسافة بينها وبين الطائف، وقرب مكة إليه، لكن يُعتقد أن السبب الأكبر كراهته لولاية عبد الله بن الزبير، وفي الشام، التحق بشرطة الإمارة التي كانت تعاني من مشاكل كثيرة، منها سوء التنظيم، وإستخفاف أفراد الشرطة بالنظام، وقلة المجندين، فأبدى حماسة وانضباطا، وسارع إلى تنبيه أولياء الأمر لكل خطأ أو خلل، وأخذ نفسه بالشدة، فقربه روح بن زنباع قائد الشرطة إليه، ورفع مكانته، ورقاه فوق أصحابه، فأخذهم بالشدة، وعاقبهم لأدنى خلل، فضبطهم، وسير أمورهم بالطاعة المطلقة لأولياء الأمر، وقد لمس فيه روح بن زنباع العزيمة والقوة الماضية، فقدمه إلى الخليفة عبد الملك بن مروان، وكان داهية مقداما، وقد جمع الدولة الأموية .
وحماها من السقوط، فأسسها من جديد، إذ أن الشرطة كانت في حالة سيئة، وقد استهون جند الإمارة عملهم فتهاونوا، فأهم أمرهم عبد الملك بن مروان، وعندها أشار عليه روح بن زنباع بتعيين الحجاج عليهم، فلما عينه، أسرف في عقوبة المخالفين، وضبط أمور الشرطة، فما عاد منهم تراخي، و لا لهو، إلا جماعة روح بن زنباع، فجاء الحجاج يوما على رؤوسهم وهم يأكلون، فنهاهم عن ذلك في عملهم، لكنهم لم ينتهوا، ودعوه معهم إلى طعامهم، فأمر بهم، فحبسوا، وأحرقت سرادقهم، فشكاه روح بن زنباع إلى الخليفة، فدعا الحجاج وسأله عما حمله على فعله هذا، فقال إنما أنت من فعل يا أمير المؤمنين، فأنا يدك وسوطك، وأشار عليه بتعويض روح بن زنباع دون كسر أمره، وكان عبد الملك بن مروان قد قرر تسيير الجيوش لمحاربة الخارجين على الدولة.