القائد الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي “جزء 7”

الدكرورى يكتب عن القائد الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي “جزء 7”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

القائد الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي “جزء 7”

ونكمل الجزء السابع مع القائد الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان قد ابتدأ قبله، لكنه ثبته، وثبت فكرة الإصطفاء، والحق الإلهي، وبالغ في تعظيم السلطان، وكان للحجاج الكثير من المواقف، والحكايات الشهيرة، والأقوال الفصيحة، والرسائل، والخطب، والتوقيعات، وله مجموعة أشعار متفرقة، فقصص الحجاج و أخباره كثيرة جدا، وموجودة في كتب التاريخ، ما يدل على عظم نفوذه، ولا زالت أقواله باقية إلى اليوم، ومذهبه في الحكم باقي إلى اليوم، وقيلت فيه الكثير من الأبيات بعد موته، والتي تذمه، كما قيل في حياته، وقيل عن الحجاج أنه كان، بليغا فصيحا، محبا للشعر كثير الاستشهاد به، تقيا، مُعظما للقرآن وآياته، كريما، شجاعا، وله مقحمات عظام وأخبار مهولة، وقيل أنه كان أخفش العينين، أضفعت بصره كثرة النظر في الدفاتر.

كان يتزيا بزي الشطار، فيرجل شعره ويخضب أطرافه، وكان يصعد على المنبر فيتكلم بكلام الملائكة، وينزل فيفعل فعل الشياطين، وكانت العلاقة بين الحجاج وأهل العراق هي من أكثر العلاقات تعقيدا وطرافة، ومن أكثرها ترويعا في التاريخ الإسلامي، فالحجاج وُلي على العراق كارها لأهلها، وهُم له كارهون، واستمرت العلاقة بينهم بالإجبار والإكراه، وكان الحجاج دائم السب لأهل العراق في خطبه، فكثيرة خطبه التي يذكر فيها أهل العراق بشكل سيئ، و التي يرى فيها العراقيون إساءة إلى اليوم، فدائما كان يذكرهم ويقول “يا أهل العراق، يا أهل الشقاق و النفاق ” إلى آخر خطبه، والتي يمعن فيها في ذكر صفاتهم “فإنكم قد اضجعتم في مراقد الضلالة ” وغير ذلك من الخطب الكثيرة فيهم، كراهة منه لهم، وكراهة منهم له.

ومن ذلك أنه لما أراد الحج استخلف ابنه محمد عليهم، وخطب فيهم أنه أوصى ولده بهم بغير وصية الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في الأنصار، أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، فقد أوصاه ألا يقبل من محسنهم، ولا يتجاوز عن مسيئهم، وقال لهم أعلم أنكم تقولون مقالة لا يمنعكم من إظهارها إلا خوفكم لي، لا أحسن الله لك الصحابة، وأرد عليكم لا أحسن الله عليكم الخلافة، وأنهم شمتوا به يوم فُجع بولده محمد، وأخيه محمد في نفس اليوم، فخطب فيهم متوعدا إياهم، ومن ذلك أنه مرض فشاع بين الناس موته، فخرج أهل العراق محتفلين بموته، غير أنه قام من مرضه ليخطب فيهم خطبة قال فيها “وهل أرجو الخير كله إلا بعد الموت” أما أهل الشام فكانوا أكثر الناس محبة للحجاج، وأكثرهم نصرة له، وبكاء عليه بعد مماته.

وقيل أنهم كانوا يقفون على قبره فيقولون رحم الله أبا محمد، وكان الحجاج محبا له، دائم الإشادة بخصالهم، والرفع من مكانتهم، وكان كثير الاستنصار بهم، ومعظم جيشه كان منهم، وكان رفيقا بهم، ومات الحجاج ليلة السابع والعشرين من رمضان عام خمسه وتسعين من الهجره، وذلك في الروايات المجمع عليها، وقيل أنه كان موت الحجاج بسرطان المعدة، وقبلها مرض مرضا شديدا، حتى كان يشعر بالبرد ولو قربوه من النار حتى تكاد تحرق بعض ثيابه، وقيل أن الدود أكل بطنه، فأمر الوليد بن عبد الملك أن يُدعى للحجاج بالشفاء على المنابر في كل الدولة، وقد ترك الحجاج وصيته، وفيها قال أنه لا يعرف سوى طاعة الله والوليد بن عبد الملك، عليها يحيا، وعليها يموت، وتمثل عند احتضاره بهذين البيتين يا رب قد حلف الأعداء واجتهدوا.

أيمانهم أنني من ساكني النار، أيحلفون على عمياء ويحهم، ما ظنهم بعظيم العفو غفار، وقد دُفن في قبر غير معروف المحلة في مدينة واسط، فتفجع عليه الوليد بن عبد الملك، وجاء إليه الناس من كل الأمصار يعزونه في موته، وكان يقول كان أبي يقول أن الحجاج جلدة ما بين عينيه، أما أنا فأقول أنه جلدة وجهي كله، وكان من ميراث الحجاج بن يوسف الثقفى، أنه بنى ميدنة واسط، وسير الفتوح لفتح المشرق، وأمر بتنقيط المصحف، وخطط الدولة، وحفظ أركانها قامعا كل الفتن، وغير أن الحجاج خلف أيضا ميراثا من الظلم وسفك الدماء لم يسبق له مثيل، وكما خلف في قلوب الناس، حتى الأمويين، كرها له وحقدا عليه لأفعاله، ومنها حرب ابن الزبير وقتله إياه في مكة، وما فعله في وقعة دير الجماجم، وحقد عليه الخوارج لعظيم فعله بهم، والشيعة لعدم احترامه آل البيت.