الدكرورى يكتب عن الصحابي عامر بن فهيرة ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع الصحابي عامر بن فهيرة، وعن عروة بن الزبير قال لما قدم عامر بن الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له من الرجل الذي لما قتل رأيته رفع بين السماء والأرض حتى رأيت السماء دونه ؟ فقال له هو عامر بن فهيرة، وعن عروة قال طلب عامر بن فهيرة يومئذ في القتلى فلم يوجد، فقال عروة، فيروون أن الملائكة دفنته أو رفعته، وقال ابن كثير، وقد ذكر عروة وابن إسحاق والواقدي وغير واحد، أن عامرا قتله يوم بئر معونة رجل يقال له جبار بن سلمى من بني كلاب، فلما طعنه بالرمح قال، فزت ورب الكعبة، ورفع عامر حتى غاب عن الابصار حتى قال عامر بن الطفيل، لقد رفع حتى رأيت السماء دونه، وسئل عمرو بن أمية عنه فقال.
كان من أفضلنا ومن أول أهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم، وقال جبار، فسألت الضحاك بن سفيان عما قال ما يعني به ؟ فقال يعني الجنة، فكان الصحابي عامر بن فهيرة من السابقين إلى الإسلام، ومن المهاجرين الأولين وكتبة الوحى القرآنى، وقد رفع الله تعالى من شأنه وكرمه بالشهادة ورفعته الملائكة بين السماء والأرض، ثم دفنته فلم ير أحد جسده بعد ذلك، وقد ولد الصحابى الجليل عامر بن فهيرة التيمي سنة سته وثلاثين قبل الهجرة، وقد عذب مع المستضعفين بمكة ليرجع عن دينه، فأبى، وتحمل ألوانا من التنكيل والعذاب، وضرب المثل في الصبر والثبات، فاشتراه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأعتقه، فكان يرعى له غنما بظاهر مكة، ويحرص على حضور مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم.
ليتعلم من هديه وينهل من علمه وأدبه وخلقه، ولما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه أبوبكر، كان يرعى الغنم عند غار ثور ليمسح آثار الأقدام بعد أن يذهب عبدالله بن أبي بكر أو أسماء إليهما حتى لا يتعرف إليها المشركون، وكان يحلب للرسول صلى الله عليه وسلم، ولأبي بكر اللبن، ويأتيهما بالأخبار، وعندما ارتحل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأبوبكر رضي الله عنه من الغار هاجر معهما، فحمله أبو بكر، رضي الله عنه، خلفه، ومعهم دليلهم ابن أريقط فقط، فسلك بهم طريق الساحل صوب المدينة، وقيل انه لما لحق سراقة بن مالك بن جعشم بالركب المبارك، وحدث له ولفرسه ما حدث، وتيقنه من أمر نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وطلبه كتاب أمان حينئذ أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، عامر بن فهيرة بأن يكتب هذا الكتاب لسراقة، فكتب في رقعة من أدم، إذ كان عامر كاتبا قارئا، ومن كتبة الوحى القرآنى قبل الهجرة النبوية الشريفة ولما دخلوا المدينة نزل عامر بن فهيرة على سعد بن خيثمة، وآخى الرسول وكان يحلب للرسول صلى الله عليه وسلم، ولأبي بكر اللبن، ويأتيهما بالأخبار، بينه وبين أوس بن معاذ، وجاهد تحت لوائه وغزا معه صلى الله عليه وسلم عدة غزوات، وشهد بدرا وأحدا، وظهرت بطولته وفدائيته وحبه للجهاد في سبيل الله، وكان تقيا ورعا ومناقبه عظيمه وذكرت كتب السيرة أنه لما قدم إلى المدينة أبو براء عامر بن مالك والملقب بملاعب الأسنة، فأهدى للرسول صلى الله عليه وسلم فرسين وراحلتين.
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم “لا أقبل هدية مشرك” وعرض عليه الرسول صلى الله عليه وسلم الإسلام، فلم يسلم، ثم قال للرسول صلى الله عليه وسلم، ابعث يا محمد من رسلك من شئت إلى أهل نجد، وأنا جار له، وكان رجلا مسموع الكلمة في قومه بني عامر، فبعث الرسول صلى الله عليه وسلم، وفدا برئاسة المنذر بن عمرو الخزرجي رضي الله عنه في أربعين أو سبعين رجلا من خيار المسلمين وكانوا يسمونهم القراء في زمانهم وكانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل ويتدارسون القران، وفيهم عامر بن فهيرة، ولما وصلوا إلى بئر معونة من أرض نجد، وهو ماء من مياه بني سليم، استنفر لهم عامر بن الطفيل من بني سليم، فاجابوه، وأحاطوا بالمسلمين وحملوا عليهم السلاح فقاتلهم المسلمون.
فاستشهد جميع أفراد السرية ما عدا عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه فأسروه، وأيضا كعب بن زيد رضي الله عنه فقد تركوه على شفا الموت، وكان ممن قتل عامر بن فهيرة سنة أربعة هجرية، وهو في الأربعين من عمره، وحزن الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسلمون على ما أصاب عامر وأفراد السرية، وقنت الرسول صلى الله عليه وسلم، شهرا يدعو الله على تلك القبائل، وقيل إنه صلى الله عليه وسلم دعا على قتلتهم خمس عشرة ليلة، فكان الصحابي الجليل عامر بن فهيرة رضي الله عنه، رفيع الشأن، عالي المقام، عظيم المنزلة، الحافظ الأمين، دفين السماء، فكان أمينا وحافظا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حين الهجرة، وكان رضي الله عنه ثالثا للنبي صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر الصديق في الهجرة ، فجزاه الله تعالى بخاتمة الشهادة ، وحين طعنه قاتله خرج النور من جرحه ، فلما مات رفعته الملائكة إلى السماء والناس ينظرون إليه ، حتى غاب في السماء.