الدكروري يكتب عن موسم الطاعات والخيرات ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
موسم الطاعات والخيرات ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع موسم الطاعات والخيرات، وليس فى قيام رمضان حد محدود لقول النبى صلى الله عليه وسلم لما سئل عن قيام الليل قال” مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة واحدة توتر له ما قد صلى” رواه أحمد، ولم يحدد صلى الله عليه وسلم للناس في قيام الليل ركعات محدودة، بل أطلق لهم تلك، فمن أحب أن يصلي إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، أو ثلاثا وعشرين، أو أكثر من ذلك أو أقل فلا حرج عليه، ولكن الأفضل هو ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم وداوم عليه فى أغلب الليالي، وهو إحدى عشرة ركعة مع الطمأنينة فى القيام والقعود والركعوع والسجود وترتيل التلاوة، وعدم العجلة، لأن روح الصلاة هو الإقبال عليها بالقلب والخشوع فيها، وأداؤها كما شرع الله بإخلاص وصدق ورغبة ورهبة وحضور قلب.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم وجعلت قرة عينى فى الصلاة، وقال صلى الله عليه وسلم للذى أساء في صلاته “إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها” رواه البخارى ومسلم، وإن كثير من الناس يصلى فى قيام رمضان صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها بل ينقرها نقرا وذلك لا يجوز بل هو منكر لا تصح معه الصلاة، فالجواب الحذر من ذلك، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال” أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته قالوا يا رسول الله، كيف يسرق صلاته؟ قال صلى الله عليه وسلم” لا يتم ركوعها ولا سجودها” رواه أحمد والحاكم.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر الذى نقر صلاته أن يعيدها، فعلى المسلمين اغتنام هذا الشهر العظيم وتعظيمه بأنواع العبادات والقربات، فهو شهر عظيم جعله الله ميدانا لعبادة يتسابقون إليه فى بالطاعات ويتنافسون فيه بانواع الخيرات، والإكثار فيه من الصلوات والصدقات، وقراءة القرآن الكريم والإحسان إلى الفقراء والمساكين والأيتام، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان، وعلى المسلمين كذلك حفظ صيامهم عما حرمه الله عليهم من الأوزار والآثام، فقد صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال “من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” رواه البخارى، وقال صلى الله عليه وسلم “الصيام جنة، وإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ سابه أو شتمه فليقل إني صائم”
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال” ليس الصيام عن الطعام والشراب وإنما الصيام من اللغو والرفث” رواه الحاكم والبيهقى، وقال جابر بن عبدالله الأنصارى رضي الله عنهما إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء، فينبغى للصائم الإكثار من الصلوات والصدقات والذكر والاستغفار، وسائر أنواع القربات في الليل والنار، اغتناما للزمان ورغبة في مضاعفة الحسنات، ومرضاة فاطر الأرض والسموات، الحذر من كل ما ينقص الصوم، ويضعف الأجر، ويغضب الرب عز وجل من سائر المعاصى، كالتهاون بالصلاة والبخل بالزكاة وأكل الربا وأكل أموال اليتامى، وأنواع الظلم وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، والغيبة والنميمة، والكذب.
وشهادة الزور، والدعاوى الباطلة، والأيمان الكاذبة، وتبرج النساء، وعدم تسترهن من الرجال، والتشبه بنساء الكفرة في لبس الثياب القصيرة، وغير ذلك مما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم وهذه المعاصى محرمة في كل زمان ومكان، ولكنها في رمضان أشد تحريما، وأعظم إثما، لفضل الزمان وحرمته، وإن من أقبح هذه المعاصى وأخطرها على المسلمين ما ابتلى به كثير من الناس من التكاسل عن الصلوات والتهاون بأدائها فى الجماعة في المساجد، ولا شك أن هذا من أقبح خصال أهل النفاق ومن أسباب الزيع والهلاك، فقال النبى صلى الله عليه وسلم “من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر” رواه ابن ماجة وابن حبان والحاكم، وقال له صلى الله عليه وسلم رجل أعمى يا رسول الله إنى بعيد الدار عن المسجد وليس لى قائد يلائمنى، فهل لى من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “هل تسمع النداء للصلاة؟” قال نعم، قال “فأجب”