موسم الطاعات والخيرات ” جزء 7″

الدكروري يكتب عن موسم الطاعات والخيرات ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

موسم الطاعات والخيرات ” جزء 7″

ونكمل الجزء السابع مع موسم الطاعات والخيرات، فيقول الله تعالى فيما ذكره عن نبى الله نوح عليه السلام كما جاء فى سورة نوح ” فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ” وهذه بعض فوائد الاستغفار وبركاته في الدنيا، وأما فى الآخرة فإن خيراته وبركاته لا حصر لها ولا عدّ، وقد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال “طوبى لمن وجد فى صحيفته يوم القيامة استغفارا كثيرة” ومن بركات الاستغفار نزول الأمطار، وتوالى الخيرات، وتعدد العطايا والهبات، وكلكم يعلم تأخر نزول المطر عن إبّان وقته، مما سبب جفافا فى الأرض، وهلاكا فى الماشية، وتأثرا فى الزروع، فأقبلوا على الله عز وجل تائبين إليه، مستغفرين من كل ذنب وخطيئة، لعل الله عز وجل أن يتغمدنا جميعا برحمته.

ويوسع علينا بمنة وفضله وعطائه، فإن شهر هذه خصائصه وفضائله حرى بنا أن نستغل أيامه ولياليه بل ساعاته ولحظاته، فإنه شهر هذه هبات الله فيه بماذا نستغله ؟ هل بالسهر واللهو وضياع الأوقات ؟ كلا والله، فاعلموا أن الله غني عنا وعن أعمالنا فهو تعالى الغني عما سواه” يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد” ولكنه سبحانه شرع العبادة لصالحكم أيها المسلمون ومن أعظمها الصيام فقد شرعه تربية لأجسامكم وترويضا لها على الصبر وتحمل الآلام، شرعه تقويما للأخلاق وتهذيبا للنفوس وتعويدا لها على ترك الشهوات ومجانبة المنهيات، شرعه ليبلوكم أيكم أحسن عملا، شرعه وسيلة عظمى لتقواه قال تعالى “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب إلى الذين من قبلكم لعلكم تتقون” فاتقوا الله أيها الناس وأدوا فريضة الصيام بإخلاص وطواعية.

أدوا هذه الفريضة واحفظوها مما يشينها، فالصوم الحقيقى ليس مجرد الإمساك عن الأكل والشرب والاستمتاع ولكنه مع ذلكم إمساك وكف عن اللغو والرفث والصخب والجدال فى غير الحق، وكف عن الكذب والبهتان والهمز واللمز والأيمان الكاذبة، إمسـاك عن السباب وعن قذف المحصنات، إمساك وكف عما لا يحل سماعه من لهو وغيبة وغيرهما، إمساك عن إرسال النظر إلى ما لا يحل، فالصائم حقيقة من خاف الله فى عينيه فلم ينظر بهما نظرة محرمة، واتقى ربه في لسانه فكف عن كل قول محرم، وخشيه في أذنيه فلم يسمع بهما منكر، وخشيه في يديه فمنعهما من سرقة وغصب وغش وإيذاء، وخشيه في رجليه فلم يمش بهما إلى حرام، وخشيه فى قلبه فطهره من الحقد والغل والحسد والبغضاء، فقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

” إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك سكينة ووقار ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء” إن المحروم حقا من يدرك مواسم الخير، ومواطن الفضل، وأماكن الفضيلة، فلا يغنم خيرها، ولا يحصل بركتها، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رمضان “لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم” هذا هو الحرمان حقا، أن يدرك العبد مواسم الخيرات وهو بصحة وعافية وأمن وأمان ورغد وهناءة عيش، ثم لا ينال مغفرة الذنوب، ولا ينال العتق من النار، فتأملوا قول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام عن أبى هريرة رضي الله عنه قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال “آمين، آمين، آمين” ثم قضى خطبته، فقال له الصحابة رضي الله عنهم.

 

 

 

 

 

سمعناك يا رسول الله تقول شيئا لم تكن تقوله قبل ذلك، قال “أتاني جبريل آنفا فقال يا محمد، من أدرك من أمّتك رمضان وخرج فلم يغفر له فأبعده الله فأدخله النار، قل آمين، فقلت آمين، وقال يا محمد، من ذكرت عنده فلم يصلى عليك فأبعده الله فأدخله النار، قل آمين، فقلت آمين صلى الله عليه وسلم، ثم قال يا محمد من أدرك عنده أبواه الكبر ولم يدخلاه الجنة فأبعده الله فأدخله النار، قل آمين فقلت آمين” فهنا جبريل عليه السلام يدعو ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يؤمّن، ومما دعا به جبريل وأمّن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من أدرك رمضان وخرج ولم يغفر له فأبعده الله فأدخله النار، ما أعظمها من مصيبة وما أشد فداحتها من رزية يدرك العبد موسم الخير والعتق من النار، يدرك العبد موسم مغفرة الذنوب ثم يستمر في غيّه، ويتمادى فى باطله، ويداوم على سفهه وضلاله.