الدكروري يكتب عن موسم الطاعات والخيرات ” جزء 9″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
موسم الطاعات والخيرات ” جزء 9″
ونكمل الجزء التاسع مع موسم الطاعات والخيرات، فإن رمضان أفضل شهور العام، فهو شهر العبادة والطاعة، فكان السلف رحمهم الله يعرفون له قدره، وأحوالهم فيه عجيبة، من تلاوة، وذكر، ودعاء وبذل، وجود وعكوف، والمحروم من حُرم فضل هذا الشهر، رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، وإن من مزايا هذا الشهر الكريم أن صومه من أعمدة الإسلام، وهو السر بين العبد وربه، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزى به، وقد جاءت الأحاديث الصحاح والحسان بفضله كقوله ” الصوم لا عدل له، ثلاث دعوات مستجابات، ومنها دعوة الصائم، وللصائم فرحتان، ويشفع للعبد يوم القيامة يقول ربى منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعنى فيه” ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، والصوم جنة وحصن حصين من النار.
ومن صام يوما في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا، والريان باب الجنة العظيم للصائمين، وصيام رمضان يعدل صيام عشرة أشهر، ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة، فكل يوم من رمضان عند غروب الشمس لله في ذلك الوقت عتقاء، فمن الناس من أدرك قيمة الشهر، وعرف قدره، فهو يغتنمه، ويستعد له، ومنهم الساهي اللاهى، وقد قال الله تعالى كما جاء فى سورة الجمعة ” قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة ” وهذا اللهو اليوم إما أن يصفقون في الشهر، فى الأسواق، فصار موسما عظيما للتنزيلات والمبيعات، وهذا يهون لأن كثيرا منه من المباحات، ولكن اللوم على من ضيعه في هواية التسوق، والله عز وجل نهانا أن تلهينا الدنيا عن الآخرة.
فقال تعالى كما جاء فى سورة العنكبوت” وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهى الحيوان” وإن الله عز وجل نهانا أن تلهينا الدنيا عن الآخرة، فقال تعالى كما جاء فى سورة العنكبوت” وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهى الحيوان” ويعنى ذلك الحياة الدائمة التى لا زوال لها ولا انقضاء، الحيوان الممتلئة بالحياة المستديمة للحياة، وإذا كانت الشياطين تصفد فى رمضان فإن المصيبة في شياطين الإنس، فكل الشياطين قد باتت مصفدة فما السبيل إذا الشيطان إنسان، ولذلك فقد حرص أرباب الفساد، وأعداء الأمة، لما عرفوا فضل الشهر، وكثرة من يتوب فيه، واجتهاد الناس فيه بالطاعة، والإقبال على الله، والترك للمنكرات، عمدوا إلى إفراغ الشهر من محتواه ومضمونه، وإلى قطع الطريق، فهم لصوص في الحقيقة.
لصوص رمضان، يشغلون الناس بالطرب والألحان، والأمسيات الفارغات، وهذا شهر التوبة والإنابة إلى الله، فكيف يملئ بمثل هذا، فإنه توظيف للباطل، وإشغال للناس، ساعات هائلة فى هذا اللهو والعبث، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم، فإذا كان الأمر كذلك، فإنهم ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، فوزر هؤلاء عليهم، ومثل ذلك أوزار الذين التهوا بما قدموه من الباطل دون أن ينقص من أوزار المشاهدين شيء، والواجب مقاطعة كل قناة تصد عن سبيل الله، وتلهي عن طاعة الله، وتعرض ما يغضب الله تعالى، وينبغى أن يغار المسلم على صومه، وأن يحفظه، وهذا الصوم عبادة عظيمة، وركن ركين من أركان الدين، ولقد لسلفنا فيه حياة الليل والنهار، فكانوا يحيون ليلهم بطاعة ربهم بتلاوة وتضرع وسؤال.
وعيونهم تجرى بفيض دموعهم مثل انهمال الوابل الهطال، ولقد قال تعالى ” أياما معدودات” فلا تستطيلوها، ولا تستكثروها، إنها تنقضي سراعا، وهكذا ما أن يبدأ الشهر حتى يتصرم الثلث، ثم الثلثان، ثم تنقضي العشر الأواخر، وإذا كان الله تعالى قد فرضه لأجل التقوى، فقال تعالى ” لعلكم تتقون” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر” فلا بد من صيانة العبادة، عما يبطلها، وعما يحبطها، وحتى عما ينقص أجرها، فلماذا لا نلغى فى رمضان كل شيء يلهي عن ذكر الله، ويجر الناس حتى للتأخر عن صلاة العشاء والتراويح لتسمرهم وانجذابهم إلى مثل هذه الملهيات، ولماذا لا يكون عندنا صبر، وإرادة، فلا نفتح أي باب للشر، فقال تعالى ” تلك حدود الله”