أحوال الصائمين في شهر الصبر ” جزء 4″

الدكروري يكتب عن أحوال الصائمين في شهر الصبر ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

أحوال الصائمين في شهر الصبر ” جزء 4″

ونكمل الجزء الرابع مع أحوال الصائمين في شهر الصبر، وإن الفرج أبيح استعماله في الحلال، ومنع من استعماله في الحرام، وامتناعه من ذلك صيامه وحكمه مستمر دائم، ولقد وعد الله تعالى من أدّى شكر هذه النعم واستعملها حيث أمر الله أن تستعمل وعده بالثواب الجزيل، والأجر العظيم، والخير الكبير في الدنيا والآخرة، وتوعّد سبحانه من لم يحافظ عليها، ولم يراع ما أريد استعمالها فيه، بل أطلقها فيما يسخط الله ولا يرضيه توعّده بعقابه، وأخبر سبحانه وتعالى أن هذه الجوارح مسؤولة يوم القيامة عنه, وهو مسؤول عنها، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة الإسراء” ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا” وقال تعالى أيضا كما جاء فى سورة يس ” اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون”

وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل رضى الله عنه بعد أن أمره بحفظ لسانه، وقال له معاذ يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بم نتكلم به؟ قال عليه الصلاة والسلام ” ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على وجوههم، أو قال على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم” رواه الترمذى، وعن سهل بن سعد رضى الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ” من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه، أضمن له الجنة” رواه البخارى، وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال صلى الله عليه وسلم” من وقاه الله شر ما بين لحييه، وما بين رجليه دخل الجنة” وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت” رواه البخارى ومسلم، وعن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه قال، قال صلى الله عليه وسلم.

“المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده” رواه البخارى ومسلم، وروى أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” إن المفلس من أمتى من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح فى النار” رواه مسلم، فلقد دلت هذه النصوص وما جاء في معناها على أن الواجب على العبد أن يصون لسانه وفرجه، وسمعه وبصره، ويده ورجله، أن يصونها عن الحرام، وهو صيام من حيث اللغة، وهذا الصيام لا يختص بوقت دون آخر، بل يجب الاستمرار عليه حتى الممات طاعة لله، وليفوز برضا الله عز وجل وثوابِه، ويسلم من سخطه وعقابه، فإذا أدرك المسلم أنه في شهر الصيام.

امتنع عما أحلّ الله له لأن الله حرّم عليه تعاطى ذلك في أيام رمضان، فالعبرة من ذلك، والعظة أن يدرك أن الله قد حرّم عليه الحرام مدة حياته، وعليه الكف عن ذلك والامتناع عنه دائما خوفا من عقاب الله تعالى الذى أعده لمن خالف أمره وفعل ما نهى عنه، وإن الصوم سبب لدخول الجنة من باب الريان، فإن من فضائل الصيام أن الله اختص أهله بباب كبير من أبواب الجنة، لا يدخله إلا الصائمون، ينادون يوم القيامة إكراماً لهم، وإظهارا لشرفهم، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال أين الصائمون ؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد” رواه البخاري ومسلم والترمذى والنسائى.

أى أن هذا الذى عطش في الحياة الدنيا له قصر مكتوب على بابه الريان، لذلك قال بعض العلماء هذا الشهر العظيم شهر الصبر، فالإنسان يحب أن يأكل دائما، وكلما أصابه عطش يشرب من الشراب ما لذ وطاب، أما حينما يأتي شهر الصيام يمتنع عن الطعام و الشراب، والمباحات الأخرى التى أبيحت خارج الصيام فهو يبذل جهدا فى طاعة الله فيكون صابرا محتسبا لله تعالى، وإن الصبر أساس كل فلاح، فإن البناء الأخلاقي للإنسان أساسه الصبر، الذى لا يصبر لا يمكن أن يكون شيئا مذكورا فى الحياة، فأنت حينما تصبر يمكن أن تصل إلى البطولة، فلذلك قال تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” واستعينوا بالصبر والصلاه” واستعينوا على بلوغ أهدافكم، على بلوغ مرادكم، وقد قال علماء التفسير بالصبر، أى بالصوم و الصلاة، كما تعلمون.