أحوال الصائمين في شهر الصبر ” جزء 7″

الدكروري يكتب عن أحوال الصائمين في شهر الصبر ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

أحوال الصائمين في شهر الصبر ” جزء 7″

ونكمل الجزء السابع مع أحوال الصائمين في شهر الصبر، فإنه حينما تضيق الأمور كما هى الآن، وتستحكم الحلقات، وتسد المنافذ، وتـنتصب العقبات، ويقنط الإنسان تأتى التقوى تتسع بها المضائق، وتحل بها العقد، وتفتح بها المسالك وتذلل بها العقبات، فمن يتق الله عند نزول المصيبة فيوحد الله، ويصبر لحكمه، ويرض لقضائه ويثبت على مبدئه واستقامته يجعل الله له مخرجا من هذه المصيبة، فيبدل الله ضيقه فرجا، وخوفه أمنا، وعسره يسرا، ومن يتق الله فلا يسمح للأفكار الزائفة أن تأخذ طريقها إلى عقله يجعل الله عز وجل له مخرجا من الضياع، فإن المسلم فى نعمة يصعب أن يتصورها، فما هى هذه النعمة ؟ هى أن له مرجع، وهو القرآن الكريم، فيقول أن هذا العمل لا يرضى الله لا أفعله، لذلك هو في سلام، فى أمن، فحينما يرتكب الناس الحماقات

ولا ينامون الليل، هو ينام مطمئنا، لأن ربه هداه سبل السلام، وهداه السلام مع نفسه، ومع أسرته، وفى عمله، ومع مجتمعه، لأنه طبق منهج الله عز وجل، ومن يتق الله، ولا يسمح للأفكار الزائفة أن تأخذ طريقها إلى عقله يجعل الله له مخرجا، من الضياع والحيرة، والضلال وخيبة الأمل، ومن يتق الله فيبرأ ممن حوله، ويبرأ من قوته، ومن علمه يجعل الله له مخرجا مما كلفه به بالمعونة عليه، فى أى عمل تقوم به قل اللهم إنى تبرأت من حولي وقوتى وعلمى، والتجأت إلى حولك وقوتك وعلمك، فإن هناك درسان لا ينسيان، والدرس الذى ينبغى ألا ننساه هو درس غزوة بدر، و درس عزوة حنين، وفى غزوة بدر قال الصحابة الكرام الله، فتولاهم الله، فيقول تعالى كما جاء فى سورة آل عمران ” ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ” وأما فى غزوة حنين.

قالوا” لن نغلب من قلة” فيصور لنا المشهد القرآن الكريم فيقول تعالى كما جاء فى سورة التوبة ” ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلن تغنى عنكم من الله شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين” فمن يتق الله فيقف عند حدود الله فلا يقربها، ولا يتعداها يجعل الله له مخرجا مما كلفه به من الحرام إلى الحلال، ومن الضيق إلى السعة، ومن النار إلى الجنة، ومن يتق الله في كسب رزقه فيتحرّى الحلال الذي يرضى الله عز وجل يجعل الله له مخرجا من تقتير الرزق بالكفاية، ومن إتلاف المال بحفظه ونمائه، ومن يتق الله في اتباع السنة يجعل الله له مخرجا من ضلال أهل البدع، ومن يتق الله في اختيار زوجته، وفى التعامل معها يجعل الله له مخرجا من الشقاء الزوجى، ومن يتق الله في تربية أولاده يجعل الله له مخرجا من عقوقهم، وشقاؤه بشقائهم.

ومن يتق الله في اختيار عمله يختار عملا يرضي الله، ويحسن أداءه يجعل الله مخرجا من إخفاقه فيه، والله هذه آية تسع كل الناس، وتسع كل المشكلات، وكل النشاطات ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا” لكن المسلمين الآن قلبوا الوجبات الدسمة من النهار إلى الليل، ما فعلوا شيئا جيدا، والحقيقة أنه يوجد هناك رمضان عند بعض المسلمين وقد يكون عند أكثرهم هو موسم لقاءات، وموسم سهرات، وموسم ولائم، وموسم سهر إلى ساعة متأخرة من الليل، وموسم حديث بلا ضابط، وبلا هدف، فيرتكبون الغيبة والنميمة، ويطلقون أبصارهم، ويتابعون الأفلام إلى ساعة متأخرة من الليل، ويأكلون، وينامون، ويستيقظون بعد صلاة الفجر، فلقد ابتعد المسلمون أصبح رمضان شهر فلكلورى، لا علاقة له بالدين إطلاقا، فأصبح شهر تراث وعادات وتقاليد.

فهذا الذى لا يرى رمضان شهر عبادة، وشهر غض بصر، وشهر ضبط لسان، وشهر تلاوة قرآن، وشهر إنفاق المال، وشهر إحكام الصلة مع الله، وشهر الحب، وشهر القرب، وشهر المغفرة، فإن هذا بعيد عن أن يكون صائما لأن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وصف بعض المنافقين فقال “مثلهم كالناقة عقلها أهلها فلا تدرى لا لِم عقلت و لا لِم أطلقت” فيصوم مع الناس، و يفطر معهم، وهو على ما هو عليه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” رواه البخارى وأبو داود والترمذى، ورُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، فإن هناك من يصوم فيدافع التدني، جيد، لكن هناك من يصوم فيتابع الترقي، فرق كبير بين من يدافع التدني، وبين من يتابع الترقى.