الأحكام الفقهية للصيام ” جزء 13″

الدكروري يكتب عن الأحكام الفقهية للصيام ” جزء 13″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الأحكام الفقهية للصيام ” جزء 13″

ونكمل الجزء الثالث عشر عن الأحكام الفقهية للصيام، وقد أفتى الشيخ ابن باز بأن من حشا سنه بحشوة طبية فوجد طعمها في حلقه فلا يضر ذلك صيامه، وعلى هذا فمن نوى الصيام من الليل ثم أعطى بنج قبل الفجر ولم يفق إلا بعد الغروب فصومه غير صحيح، ولكن لو أخذ البنج بعد الفجر ولو بلحظة فصيامه صحيح أيا كان وقت استفاقته، وكذلك يكون صومه صحيحا لو أخذ البنج قبل الفجر واستفاق في النهار، ولو لحظة سواء أعقب الاستفاقة غياب أم لا، ومثله في هذا التفصيل المغمى عليه وهذا ما عليه جمهور الفقهاء، وأما النائم فلا يبطل صومه حتى لو استغرق نومه النهار كله متى نوى الصيام، والتخدير الصيني لا يؤثر على الصيام، وهو يتم بإدخال إبر جافة إلى مراكز الإحساس تحت الجلد فتستحث نوعا من الغدد على إفراز المورفين الطبيعي الذى يحتوى عليه الجسم.

وبذلك يفقد المريض القدرة على الإحساس، وقد دلت السنة الصحيحة على أن من استقاء فقاء أى من تعمد الاستقاءة فتقيء، فقد أفطر، ، وذكر الشيخ ابن العثيمين لو غلبه القيء فعاد بنفسه لا يفطر لأنه بدون إرادته ولو أعاده هو أفطر، وإذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء لأن ذلك يضره، فإن الصوم ركن من أركان الإسلام، وقاعدة من قواعد الدين، وقربة من أعظم القربات إلى رب العالمين، وقد فرض الله على المسلمين صوم شهر رمضان، وسجل فريضته في القرآن ليبقى خالدا خلود القرآن، فقال تعالى فى سورة البقرة ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ” وجعل الله تعالى أجر الصيام مختصا به سبحانه وتعالى فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك” رواه البخارى ومسلم.

والصوم لغة هو مطلق الإمساك، فقال الله تعالى فى سورة مريم ” إنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا” أى إمساكا وسكوتا عن الكلام، واصطلاحا هو إمساك المسلم البالغ العاقل عن جميع المفطرات من طلوع الفجر الصادق وهو الفجر الثانى إلى غروب الشمس، مقرونا بالنية من الليل، بشرط الخلو من الموانع الشرعية كالحيض والنفاس ونحوه، وقد شرط إباحة الفطر للمسافر أن يكون سفره طويلا مباحا، والسفر الطويل ما كان واحد وثمانون كيلو متر فأكثر، ويشترط أن يشرع بالسفر ويجاوز عمران بلده قبل طلوع الفجر، فمن كان سفره كذلك فله أن يفطر وعليه القضاء، وهنالك شرط آخر وهو أن لا ينوي إقامة أربعة أيام فأكثر خلال سفره في مكان واحد، فإن نوى الإقامة في مكان واحد، أربعة أيام فأكثر صار مقيما فى ذلك المكان، فيجب عليه الصوم.

وما أفطره المسافر يجب عليه قضاؤه بعد رمضان، وقبل أن يدخل رمضان اللاحق، ويريد السفر بالطائرة عصراً في نهار رمضان فهل عليه الصيام؟ فيجب على من نوى السفر بعد الفجر أن يصبح صائما، ويشرع بالسفر صائما قاصدا إتمام صومه، وذلك لوجوب الصيام عليه قبل السفر، فإن لحقته بعد سفره مشقة غير محتملة جاز له الفطر لذلك وعليه القضاء، ولو أصبح المريض أو المسافر صائمين ثم أرادا الفطر هل يجوز لهما ذلك؟ فإن المريض الذى يشق عليه الصيام يجوز له أن يفطر سواء أصبح صائما أم غير صائم، وأما المسافر فإن أصبح مقيما وسافر بعد الفجر فيجب عليه أن يصوم ما لم تدركه مشقة بالغة يفطر بسببها، وأما إن أصبح مسافراً بأن طلع الفجر عليه بعد أن غادر بنيان بلده فهذا له أن يفطر، وهذا ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم عام الفتح.

ولو أقام المسافر وشفى المريض وهما صائمان، هل يجوز لهما أن يفطرا؟ فإذا أصبح المريض صائما ثم شفى خلال النهار، وهو صائم وجب عليه إتمام صيامه، وإذا أصبح المسافر صائما ثم أقام خلال النهار وهو صائم وجب عليه أن يتم صيامه، ويحرم عليهما الفطر لأن الرخصة تزول بزوال سببها، وماذا يلزم المسافر والمريض إذا أفطرا ثم زال عذرهما؟ فإذا أقام المسافر أو شفي المريض وهما مفطران فيستحب لهما الإمساك عن المفطرات بقية ذلك اليوم، وهل يجوز الفطر لمن يعمل بالأعمال الشاقة؟ فإنه لا يجوز لمن يعمل بالأعمال الشاقة وعلى كل منهم أن ينوى الصوم من الليل ويشرع فيه، فإن وصل بعد ذلك إلى حد يشق معه الصوم أفطر وقضى في وقت آخر، وأيضا هل تعتبر الامتحانات المدرسية عذرا يبيح الإفطار في رمضان؟