الجزء الثانى مع عبد الله بن جبير الأنصاري

الدكرورى يكتب عن عبد الله بن جبير الأنصاري ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع عبد الله بن جبير الأنصاري، وقد كان عدد المسلمين في غزوة بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، معهم فرسان وسبعون جملا، وكان تعداد جيش قريش ألف رجل وكان معهم مئتا فرس، أي كانوا يشكلون ثلاثة أضعاف جيش المسلمين من حيث العدد تقريبا، وقد انتهت غزوة بدر بانتصار المسلمين على قريش وقتل قائدهم عمرو بن هشام، وكان عدد من قُتل من قريش في غزوة بدر سبعين رجلا وأسر منهم سبعون آخرون، أما المسلمون فلم يُقتل منهم سوى أربعة عشر رجلا، وكانوا ستة منهم من المهاجرين وثمانية من الأنصار، وتمخضت عن غزوة بدر عدة نتائج نافعة بالنسبة للمسلمين، منها أنهم أصبحوا مهابين في المدينة وما جاورها.

وأصبح لدولتهم مصدر جديد للدخل وهو غنائم المعارك، وبذلك تحسن حال المسلمين المادي والاقتصادي والمعنوي، وأما عن عبد الله بن جبير فقد كان أمير الرماة الخمسين الذين أمرهم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن يقفوا على جبل عينين، وقال لهم ” قوموا على مصافكم هذا، فاحموا ظهورنا، فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا، وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتم الطير تخطفنا ” إلا أنهم لما رأوا الغلبة للمسلمين في أول المعركة، تركوا أماكنهم ونزلوا لجمع الغنائم، وقد حاول ابن جبير منعهم، وذكرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنهم أبوا، فبقي في جماعة لا تزيد على العشرة فيهم الحارث بن أنس بن رافع، فوجد خالد بن الوليد قلة أهل الجبل.

فكرّ بالخيل فتبعه عكرمة بن أبي جهل، فرماهم من بقي من الرماة حتى قتلوهم، وكان عبد الله بن جبير قد رمى حتى فنيت نباله، ثم طاعن بالرمح حتى انكسر، ثم بالسيف قتلوه، وكان الذي قتله يومها عكرمة بن أبي جهل، وقد مثلت قريش يومها بجثة عبد الله بن جبير، فطعنوه برماحهم في بطنه حتى خرقت ما بين سرته إلى عانته، وأما عن جبل الرماة، أو جبل عينين، فهو عبارة عن جبل صغير يقع بجانب جبل أحد، وهو جهة شمال المسجد النبوي الشريف، على بعد نحو ثلاثة كيلو مترات منه، وهو قرب المدينة المنورة، وهو الجبل الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم، الرماة أن يتمركزوا فيه في غزوة أحد، وكان عددهم خمسين رجلا، ليحموا ظهور المسلمين من تسلل المشركين.

ولكنهم خالفوا أمره ظنا منهم أن المعركة قد انتهت، فاستغل المشركون خلو الجبل من الرماة فحملوا على المسلمين فقتلوا منهم عددا كبيرا، وأما عن الحارث بن أنس بن رافع، فهو صحابي جليل، من الأنصار من بني عبد الأشهل، وقد شهد غزوة بدر، وقتل في غزوة أحد، وأما عن خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي، فهو صحابي وقائد عسكري مسلم، وقد لقبه الرسول صلى الله عليه وسلم، بسيف الله المسلول، وقد اشتهر بعبقرية تخطيطه العسكري وبراعته في قيادة جيوش المسلمين في حروب الردة وفتح العراق والشام، في عهد خليفتي الرسول أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، في غضون عدة سنوات، حيث يعد هو أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ الذين لم يهزموا في معركة طوال حياتهم.

فهو لم يهزم في أكثر من مائة معركة أمام قوات متفوقة عدديا من الإمبراطورية الرومية البيزنطية والإمبراطورية الساسانية الفارسية وحلفائهم، بالإضافة إلى العديد من القبائل العربية الأخرى، وقد اشتهر خالد بانتصاراته الحاسمة في معارك اليمامة وأليس والفراض، وتكتيكاته التي استخدمها في معركتي الولجة واليرموك، وقد لعب خالد بن الوليد دورا حيويا في انتصار قريش على قوات المسلمين في غزوة أحد قبل إسلامه، وكما شارك ضمن صفوف الأحزاب في غزوة الخندق، ومع ذلك، اعتنق خالد الدين الإسلامي بعد صلح الحديبية، وشارك في حملات مختلفة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان أهمها غزوة مؤتة وفتح مكة.