زمن الضباع
كتب / محموددرويش
زمن الضباع
_ يحكى أنه في عهد الغابة البلحية حدث استيلاء من الضباع على حكمها وقاموا بتعيين الخنازير حراسا للعرش البلحاوي ، ونشروهم في الغابة يعيثون فيها ظلما وفسادا، ثم أنشأوا هيئة للدعاية قوامها قطعان الثعالب، مهمتها التسبيح بحمد الضباع الذين أنقذوا الغابة من الإنهيار وسندوها بمؤخراتهم قبل أن تسقط في بحر الظلمات.. كان في تلك الغابة زوجا من الهداهد ، يشبهان بعضهما في المظهر ،لكن شتان الفارق في الجوهر والأخلاق والانتماء الحقيقي للغابة.. كان هناك هدهد خبيث وصولي ، والهدهد الآخر طيب وهادئ ومحبوب.. وكانت قواعد وقوانين الغابة البلحية تقضي بأن أمثال الهدهد الأول هم المستحقين للمناصب والامتيازات والألقاب، فالهدهد الجاهل المنافق كان يلقب بسيادة الهدهد ،وتدرج في المناصب ووصل لأن يكون نائب لرئيس البصاصين ،ثم عُين محافظا لبحيرة السيد قشطة ثم نائب لرئيس نادي وحيد القرن الحقيقي .. أما الهدهد الآخر فلم يكن له أي منصب رسمي في الغابة لكنه طوال الوقت مشغول ومهموم بقضايا الغابة ملتزما بعشه..لا يصيح أو يدعو حيوانات الغابة لأي احتجاج أو إثارة.. فقط يغرد منفردا بحب وإخلاص للغابة.. وذات يوم وبرغم جاه وسلطان وثراء الهدهد الأول يتم ضبطه متلبساً بسرقة عود من البرسيم لا يسمن ولا يغني من جوع متجاهلا حكمة الحمار الوحشي عندما قال :” إن سرقت أسرق جمل متبقاش حرامي وكمان نتن”.. وللمفارقة وفي نفس اليوم يُصدم أغلب حيوانات الغابة بخبر وفاة الهدهد الثاني بعد اختفاءه لأيام ، ويتهامسون فيما بينهم : ماذا فعل الهدهد المسكين ليصبح جزاؤه الموت متهماً بالسرقة والجنون، ثم يتساءلوا عن مصير الهدهد اللص ، فيجدوه في عشه آمنا مطمئنا وأمامه حزمة كاملة من البرسيم يتناولها بنهم متلحفا بعلم الغابة صائحا بصوت جهور : تحيا الغابة ..تحيا الغابة