الدكرورى يكتب عن منهيات شهر رمضان ” جزء 17″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
منهيات شهر رمضان ” جزء 17″
ونكمل الجزء السابع عشر عشر مع منهيات شهر رمضان، أى متوسطة لا طويلة ولا قصيرة لا سريعة ولا بطيئة، وهو تقدير الوقت في تلك الحال، وذلك لتقريب مقدار الوقت، قال المهلب وغيره فيه تقدير الأوقات بأعمال البدن، وكانت العرب تقدر الأوقات بالأعمال كقوله قدر حلب شاة، وقدر نحر جزور، فعدل زيد بن ثابت عن ذلك إلى التقدير بالقراءة إشارة إلى أن ذلك الوقت كان وقت العبادة بالتلاوة، وقال ابن أبى جمرة فيه إشارة إلى أن أوقاتهم كانت مستغرقة بالعبادة، وقال ابن حجر وقال ابن أبى جمرة كان صلى الله عليه وسلم ينظر ما هو الأرفق بأمته فيفعله لأنه لو لم يتسحر لاتبعوه فيشق على بعضهم، ولو تسحر في جوف الليل لشق أيضا على بعضهم ممن يغلب عليه النوم فقد يفضي إلى ترك الصبح أو يحتاج إلى المجاهدة بالسهر.
وقال فيه أيضا تقوية على الصيام لعموم الاحتياج إلى الطعام ولو ترك لشق على بعضهم ولا سيما من كان صفراويا فقد يغشى عليه فيفضى إلى الإفطار فى رمضان، قال وفى الحديث تأنيس الفاضل أصحابه بالمؤاكلة، وجواز المشى بالليل للحاجة لأن زيد بن ثابت ما كان يبيت مع النبى صلى الله عليه وسلم، وفيه الاجتماع على السحور، وفيه حسن الأدب في العبارة لقوله “تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم” ولم يقل نحن ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما يشعر لفظ المعية بالتبعية، وإن آخر وقت السحور يمتد الوقت الذى تحل فيه المفطرات ليلة الصيام إلى طلوع الفجر الثانى ويدل على ذلك حديث “إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم” وحديث “لا يمنعكم سحوركم أذان بلال” وعن السيدة عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.
“لا يمنعكم أذان بلال عن سحوركم، فإنه ينادى بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر” رواه البخارى وعن حماد، عن إبراهيم، قال “السحور بليل، والوتر بليل” وماورد فى آخر وقت السحور، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال كنت أتسحر فى أهلى ثم تكون سرعتى أن أدرك السجود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم” وعن بلال قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم أؤذنه بالصلاة وهو يريد الصوم، فدعا بإناء فشرب، ثم ناولنى فشربت، ثم خرج إلى الصلاة وعن عامر بن مطر، قال أتيت عبد الله بن مسعود في داره، فأخرج فضلا من سحوره، فأكلنا معه، ثم أقيمت الصلاة فخرجنا فصلينا، وعن سالم مولى أبى حذيفة قال كنت أنا وأبو بكر الصديق فوق سطح واحد في رمضان، فأتيت ذات ليلة فقلت ألا تأكل يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فأومأ بيده أن كف، ثم أتيته مرة أخرى، فقلت له ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ فأومأ بيده أن كف، ثم أتيته مرة أخرى، فقلت ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ فنظر إلى الفجر ثم أومأ بيده أن كف، ثم أتيته فقلت ألا تأكل يا خليفة رسول الله؟ قال هات غداءك، قال فأتيته به فأكل ثم صلى ركعتين، ثم قام إلى الصلاة، وإن الفصل بين السحور وبين صلاة الفجر هو الأفضل ويدل على ذلك ما رواه أنس عن معاذ ابن جبل في الصحيحين أنه “قدر خمسين آية” لكن وردت روايات أخرى تدل على جواز تمديد وقت السحور إلى آخر وقته، قال ابن حجر فى رواية أنس عن معاذ وقال الطبرى فيه دلالة على أن الفراغ من السحور كان قبل طلوع الفجر، فهو معارض لقول حذيفة هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع، والجواب هو أن لا معارضة بل تحمل على اختلاف الحالة
فليس في رواية واحد منهما ما يشعر بالمواظبة، فتكون قصة حذيفة سابقة، وكونه من مسند زيد بن ثابت أو من مسند أنس، وعن عاصم عن حذيفة قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يتسحر وما أرى مواقع النبل قال قلت أبعد الصبح؟ قال هو الصبح إلا أنه لم تطلع الشمس.