الإمام البوطي ” جزء 1″ 

الدكروري يكتب عن الإمام البوطي ” جزء 1″ 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإمام البوطي ” جزء 1″

الإمام البوطي هو محمد سعيد رمضان البوطي، وهو عالم سوري متخصص في العلوم الإسلامية، ومن المرجعيات الدينية الهامة على مستوى العالم الإسلامي، حظي باحترام كبير من قبل العديد من كبار العلماء في العالم الإسلامي، اختارته جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم في دورتها الثامنة عام ألفان واربعه ميلادي، ليكون شخصية العالم الإسلامي، باعتباره شخصية جمعت تحقيق العلماء وشهرة الأعلام، وصاحب فكر موسوعي، واختاره المركز الإسلامي الملكي للدراسات الإستراتيجية في الأردن في المركز السابع والعشرين ضمن قائمة أكثر خمسمائة شخصية إسلامية تأثيرا في العالم لعام ألفان وإثني عشر ميلادي ويُعتبر ممن يمثلون التوجه المحافظ على مذاهب أهل السنة الأربعة وعقيدة أهل السنة وفق منهج الأشاعرة، ووُلد البوطي في عام ألف وثلاثمائة وسبع وأربعين من الهجرة.

الموافق عام ألف وتسعمائة وتسع وعشرين ميلادي، في قرية جليكا التابعة لجزيرة ابن عمر المعروفة بجزيرة بوطان، والتي تقع على ضفاف نهر دجلة عند نقطة التلاقي بين حدود سوريا والعراق وتركيا، ولما بلغ من العمر أربعة سنوات هاجر مع والده ملا رمضان البوطي إلى دمشق في عام ألف وتسعمائة وثلاث وثلاثين ميلادي وذلك بسبب اضطهاد أتاتورك وانتشار الفكر الكمالي، وتوفيت والدته وعمره ثلاثة عشر سنه، فتزوج والده من زوجة أخرى، من أسرة تركية، فكانت سببا في إلمامه باللغة التركية بالإضافة إلى اللغة الكردية والعربية، وتزوج وهو في الثامنة عشر من عمره، وله من الأولاد ستة ذكور وبنت واحدة، وترك البوطي أكثر من ستين كتابا في علوم الشريعة، والآداب، والتصوف، والفلسفة، والاجتماع، ومشكلات الحضارة، كان لها أثر كبير على مستوى العالم الإسلامي.

وفي فترة أحداث سوريا من عام ألفان وإحدي عشر إلي ألفان وثلاث عشر ميلادي، أصبحت مكانة البوطي في العالم الإسلامي مثارا للجدل والخلاف بسبب موقفه الرافض للثورة السورية، ودعمه لنظام الرئيس بشار الأسد، انتهت بتعرّضه للاغتيال يوم الواحد والعشرين من شهر مارس لعام ألفان وثلاث عشر ميلادي، والذي اتفقت المعارضة والنظام السوري على إدانته، وأثار موجة تنديد كبيرة على مستوى العالم، وقد اتهمت المعارضة النظام بتدبير الاغتيال بعد ورود أنباء عن عزم البوطي على الانشقاق وتغيير موقفه من الثورة السورية، والهجوم على النظام بينما اتهم النظام السوري المعارضةَ باغتياله واصفا إياهم بأصحاب الفكر الظلامي التكفيري، وتأثر البوطي منذ صغره بوالده الشيخ ملا رمضان الذي كان بدوره عالم دين وأحد شيوخ الصوفية، فقد كان والده معلمه الأوحد.

إذ علمه أولا مبادئ العقيدة، ثم موجزا من سيرة النبي محمد صلي الله عليه وسلم، ثم أخذ يعلمه مبادئ علوم الآلة من نحو وصرف، وسلكه في طريق حفظ ألفية ابن مالك في النحو، فحفظها في أقل من عام، ولم يكن قد ناهز البلوغ بعد، ولما بلغ السادسة من عمره عهد الشيخ ملا رمضان بولده إلى امرأة كانت تعلم الأطفال قراءة القرآن، فكانت تعلمه القرآن وتلقنه إياه حتى ختم القرآن عندها خلال ستة أشهر، والتحق بعدها بمدرسة ابتدائية في منطقة ساروجة، وهو أحد أحياء دمشق القديمة، ولم تكن تلك المدرسة تعنى إلا بتعليم الدين ومبادئ اللغة العربية والرياضيات، وبعد انقضاء المرحلة الابتدائية التحق بجامع منجك عند الشيخ حسن حبنكة الميداني وفي تلك الفترة ارتقى المنبر للخطابة ولم يكن قد تجاوز بعد السابعة عشر من عمره، وذلك في أحد مساجد الميدان القريبة من جامع منجك.

وفي عام ألف وتسعمائة وثلاث وخمسين ميلادي، أتم دراسته في معهد التوجيه الإسلامي عند الشيخ حسن حبنكة، وفي نفس العام ذهب إلى القاهرة لاستكمال دراسته الجامعية في جامع الأزهر، وعاد بعدها لدمشق بعد حصوله على الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة في جامع الأزهر عام ألف وتسعمائة وخمس وخمسون ميلادي، ثم حصل على دبلوم التربية من كلية اللغة العربية في جامع الأزهر عام ألف وتسعمائة وست وخمسين، وشغل البوطي عدة مناصب أكاديمية في حياته، فبعد حصوله على الشهادة من جامعة الأزهر تم تعيينه مُعيدا في كلية الشريعة بجامعة دمشق عام ألف وتسعمائة وستين ميلادي، ثم أوفد إلى كلية الشريعة من جامعة الأزهر للحصول على الدكتوراه في أصول الشريعة الإسلامية وحصل على هذه الشهادة عام ألف وتسعمائة وخمس وستين ميلادي.