الإمام البوطي ” جزء 2″ 

الدكروري يكتب عن الإمام البوطي ” جزء 2″ 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإمام البوطي ” جزء 2″

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام البوطي، ثم أوفد إلى كلية الشريعة من جامعة الأزهر للحصول على الدكتوراه في أصول الشريعة الإسلامية وحصل على هذه الشهادة عام ألف وتسعمائة وخمس وستين ميلادي، وفي نفس العام تم تعيينه مدرسا في كلية الشريعة في جامعة دمشق، ثم أصبح أستاذا مساعدا، فأستاذا، ثم في عام ألف وتسعمائة وخمس وسبعين تم تعيينه وكيلا لكلية الشريعة، ثم في عام ألف وتسعمائة وسبع وسبعين ميلادي، تم تعيينه عميدا لها، ثم رئيسا لقسم العقائد والأديان، وخلال هذه الفترة وحتى عام ألف وتسعمائة وواحد وثمانين ميلادي، كان بعيدا عن المحافل العامة، وكان مكتفيا بالمجال الأكاديمي بالإضافة إلى درسين أسبوعيين في مسجد السنجقدار، لينتقل بعدها إلى مسجد تنكز ثم إلى مسجد الإيمان في دمشق، وكان له دروس أخرى في مسجد والده الشيخ ملا رمضان البوطي

وفي المسجد الأموي، واشترك الإمام البوطي في مؤتمرات وندوات عالمية كثيرة، وحاضر في معظم الدول العربية والغربية من أبرزها محاضرته في مجلس البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ عن حقوق الأقليات في الإسلام سنة ألف وتسعمائة وواحد وتسعين ميلادي كما شارك كمستشار في بعض لقاءات المجمع الفقهي الإسلامي، وكان عضوا في هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، وعضوا في جمعية نور الإسلام في فرنسا وكان عضوا في مؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي في عمان، وفي المجلس الأعلى لأكاديمية أكسفورد، وعضوا في المجلس الاستشاري الأعلى لمؤسسة طابة بأبوظبي، وتولى إمامة الجامع الأموي بدمشق والإشراف على النشاط العلمي فيه، كما كان رئيس اتحاد علماء بلاد الشام، وقد سبب ظهور كتابه الجهاد في الإسلام عام ألف وتسعمائة وثلاث وتسعين الكثير من الجدل

بسبب نبذه للعنف في التغيير، وتحريمه للخروج على الحاكم، وفي فترة أحداث سوريا لعام ألفان وإحدي عشر حتي عام ألفان وثلاثة عشر ميلادي، دافع البوطي عن النظام السوري، وانتقد المتظاهرين، مما تسبب بانتقادات حادة وأعداء كثر له مثل البوطي التوجه المحافظ لمذاهب أهل السنة الأربعة وعقيدة أهل السنة وفق منهج الأشاعرة، وقد عُد البوطي من أهم من دافع عن عقيدتهم في وجه الآراء السلفية، وقد ألف في الموضوع مجموعه من الكتب مثل كتاب السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي، وكتاب اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية، وكما يعد البوطي من علماء الدين السنة المتخصصين في العقائد والرد على الفلسفات المادية وقد ألف مجموعه من الكتب عنها مثل كتاب أوروبا من التقنية إلى الروحانية، مشكلة الجسر المقطوع، ونقض أوهام المادية الجدلية.

وهاجم فيه الفكر الشيوعي والإلحادي، كما أن البوطي كان له رأي في موضوع ختان الإناث حيث أنه عام ألفان وإحدي عشر ميلادي، أصدر الإمام البوطي فتوى تحرم ختان الإناث، ومن الناحية السياسية، فقد ربط البوطي علاقة مع النظام السياسي الحاكم في سوريا منذ عهد الرئيس حافظ الأسد خاصة في بداية التسعينيات حيث ظهر حينها ضمن وسائل الإعلام السورية الرسمية، وكان على علاقة شخصية بحافظ الأسد عندما طلب الرئيس اللقاء بالبوطي إثر قراءته لبعض كتبه، وأصبح يستدعيه بين الحين والآخر في جلسات طويلة، وقد كان من أبرز نتائج تلك اللقاءات استجابة الرئيس لطلبه إذ أطلق سراح عدد كبير من المعتقلين، وفتح المجال لعودة الذين خرجوا بسبب أحداث المواجهة مع جماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى معالجة كثير من القضايا الأخرى المتعلقة بالمعاهد الشرعية.

والإعلام والكتب الإسلامية، كما سبب وقوفه مع النظام السوري في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين كثير من الانتقاد آنذاك، إذ ظل منذ أحداث مدينة حماة في ألف وتسعمائة واثنين وثمانين ميلادي، ينافح عن شرعية حكم عائلة الأسد، وعدم جواز الخروج عليها لأن الحاكم فيها لم يصل إلى الكفر البواح وهو أن يعلن جهارا الكفر، وخروجه عن الإسلام، وقد سبب ظهور كتابه الجهاد في الإسلام، في إعادة الجدل القائم بينه وبين بعض التيارات السياسية ذات التوجهات الإسلامية، بسبب نبذه للعنف في التغيير، وتحريمه للخروج على الحاكم إلا إن ثبت كفره، وفي عهد الرئيس بشار الأسد، بقيت العلاقة قوية بين البوطي والنظام، مما عكس تأثيرا للبوطي في بعض النواحي الحياتية، مثل التراجع عن القرار بمنع توظيف المنقبات في سلك التربية والتعليم، وإلغاء الامتياز الوحيد لكازينو سوري افتتح على طريق المطار.

كما أقر تأسيس محطة فضائية لترويج الفكر الديني الوسطي، كان يشرف عليها البوطي، وسُميت بنور الشام، ويرى مراقبون أن تقارب البوطي مع السلطة السياسية في سوريا كان له تأثير في المحافظة على سياسة سوريا المتعلقة بدعم حركات المقاومة في فلسطين، وكان البوطي يبتعد عن السياسية بشكل عام ويحث الدعاة على ترك الخوض فيها، وكان من موقعي بيان يؤيد قرار الأزهر تجميد الحوار مع الفاتيكان بعد تعليقات للبابا التي أساءت للمسلمين، وخلال فترة الاحتجاجات السورية رفض البوطي الحراك الشعبي وانتقد المحتجين ودعاهم إلى عدم الانقياد وراء الدعوات مجهولة المصدر التي تحاول استغلال المساجد لإثارة الفتن والفوضى في سوريا، واصفا التظاهرات أنها باتت تؤدي إلى أخطر أنواع المحرمات.