امريكا..مطالب بالتصعيد ضد روسيا تقابلها تحذيرات من معركة نهاية العالم #الحرب_الأوكرانية
تصاعدت داخل الولايات المتحدة أصوات المطالبين بضرورة أن تتحرك الإدارة الأميركية لوضع استراتيجية جديدة تهدف إلى استنزاف روسيا بدل ما وصفوه بـ خلطة العصي والجزر التي يرون أنها فشلت في ترويض موسكو، في حين يحذر فريق آخر من الخبراء من ردود الفعل الروسية في حال بالغ الغرب في سياسات التصدي لها
واستفزت تصريحات متناقضة لمسؤولين أميركيين بشأن التعامل مع روسيا المحللين الذين طالبوا الإدارة الأميركية باستراتيجية جديدة تكون قادرة على ردعها
وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أكد بعد زيارة أخيرة إلى كييف مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة تريد رؤية روسيا ضعيفة إلى درجة أنها لا تستطيع أن تفعل ما فعَلت في غزوها لأوكرانيا ، لكنهما سرعان ما أكدا أن هذا لا يعكس تحولا في السياسة
وانتقد مقال نشر في مجلة فورين بوليسي الأميركية سياسة الغرب بشكل عام والسياسة الأميركية بشكل خاص تجاه روسيا وحملها مسؤولية الغزو الروسي لأوكرانيا
تيد جالينوس كاربنتر: من المرجح أن يفعل الكرملين كل ما هو ضروري، ربما حتى استخدام الأسلحة النووية التكتيكية لمنع الهزيمة
وقال كاتب المقال جون آر ديني من الواضح أن الاستراتيجية القديمة فشلت. حيث اتّسمت علاقة واشنطن مع موسكو بالتواصل والإدماج والمساعدة على مدى 25 سنة تقريبا، منذ نهاية الحرب الباردة وحتى الغزو الروسي الأول لأوكرانيا وضمها غير القانوني لشبه جزيرة القرم في 2014. وقد دعمت مجموعة من السياسات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية هذه الاستراتيجية
وأضاف أمّا دبلوماسيا، فقد تضمنت الاستراتيجية الدعوات للانضمام إلى مجموعة السبع وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والحصول على مقعد (ولكن ليس التصويت) على طاولة الناتو. وعسكريا، قدمت الولايات المتحدة عدة مليارات من الدولارات لمساعدة روسيا في تدمير الآلاف من الرؤوس الحربية الخاصة بأسلحة الدمار الشامل وأنظمة الإطلاق في التسعينات. واقتصاديا، قدمت الولايات المتحدة عشرات المليارات من الدولارات من المساعدات والضمانات الأخرى لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الروسي وتعزيز الطبقة المتوسطة
وتساءل كاتب المقال ما إذا كانت سياسة الولايات المتحدة واستراتيجيتها سارتا خلال فترة الـ25 عاما من الحرب الباردة إلى ضم القرم بطريقة خاطئة؟ وهل يقع اللوم على الغرب في عدم قدرته على تحويل روسيا من خصم إلى شريك؟
وبحسب التقرير فإن السؤال الذي يواجه الولايات المتحدة والقادة الغربيين الآخرين الآن يكمن في كيفية الرد على روسيا في سياق حرب أوكرانيا أوّلا ثم في مراحل قادمة أيضا
وقد يتمحور أحد الخيارات حول إبقاء الكرملين معزولا قدر الإمكان مع تمكين الحلفاء الأوروبيين من تحمل وطأة التصرف إزاء روسيا. وستسمح مثل هذه الاستراتيجية للولايات المتحدة بالاستمرار في التركيز على التهديد الصيني
ويجب على واشنطن أن تسعى لجعل القوة الروسية تتآكل من خلال التنافس مباشرة مع موسكو لتقليل قدرتها على تهديد المصالح الحيوية للولايات المتحدة لمجرد نزوة. ويتجنب هذا النوع من الاستراتيجية التنافسية السذاجة وعدم الفاعلية لمحاولة تعديل السلوك الروسي أو تغييره بمزيج سحري من التكيف والمكانة والشراكة والمال. كما تقبل حقيقة أنه لا توجد خلطة من العصيّ والجزر يمكن أن تغير عقلية الكرملين وواقع روسيا الجيوسياسي أو التاريخي. والأهم من ذلك أن استراتيجية التنافس لتقويض القوة الروسية لا تفترض أن روسيا يجب أن تظل قوية
ولدحر قوة روسيا وبالتالي قدرتها على تهديد المصالح الغربية الحيوية، فإن أهم السياسات في المجال الاقتصادي، حيث يشكل الاقتصاد الروسي (وخاصة قطاع الهيدروكربونات) أساس قدرة الكرملين وقوّته. وسيكون للجهود المبذولة لفطم أوروبا عن إمدادات الطاقة الروسية تأثير كبير على الاقتصاد الروسي بمرور الوقت
ويجب على الولايات المتحدة من جانبها مساعدة حلفائها في تحديد مصادر الطاقة غير الروسية والوصول إليها، بما في ذلك عن طريق توسيع صادرات الغاز الطبيعي إلى أوروبا، والضغط على منتجي الهيدروكربونات الآخرين لتوسيع عمليات التسليم إلى أوروبا، وتحفيز تعاون أكبر في التطوير والتوظيف الميداني للتقنيات المتجددة على نطاق واسع
كلما اقتربت موسكو من التعرض للهزيمة في حرب أوكرانيا، زاد احتمال أن يفعل الكرملين كل ما هو ضروري
كما يجب على واشنطن أن تعمل على ضمان تسريع طلبات فنلندا والسويد للانضمام إلى عضوية الناتو للمصادقة عليها في الحلف بأكمله. ويمكن لواشنطن أن تفعل ذلك من خلال الإعلان بوضوح ولكن بهدوء أنها لن تسمح لنظام صديق لروسيا مثل المجري فيكتور أوربان بإبطاء عملية الموافقة أو منعها. ويمكن أن تلمح واشنطن إلى استعدادها لإعادة فحص دعمها للبنية التحتية لحلف شمال الأطلسي في المجر
كما ينبغي على الولايات المتحدة أن تقود دول مجموعة السبع الأخرى للإعلان عن عدم دعوة روسيا إلى الانضمام مرة أخرى. وبدلا من ذلك، سيُطلب من الهند، وهي ديمقراطية ذات اقتصاد يقارب ضعف حجم اقتصاد روسيا وعميل مهم للصادرات الروسية، لتصبح عضوا. وقد يساعد الميل نحو الهند على حساب روسيا في تقليل قوة موسكو الدبلوماسية والاقتصادية من خلال تقليص مكانتها الدولية، وتوجيه ضربة لقوة الكرملين الناعمة، وربما إبعاد نيودلهي عن اعتمادها طويل الأمد على صناعة الأسلحة الروسية
وعلى الصعيد العسكري، يجب أن تقود الولايات المتحدة حلفاءها في تحول جذري في موقف الناتو تجاه روسيا. ويجب أن يتّخذ حلف الناتو وضع ردع معزز بشكل كبير على عكس دفاع يعتمد الوعد بتوجيه ضربة مضادة في حالة وقوع هجوم روسي. حيث يهدف الردع إلى وقف هجوم روسي على حدود الحلفاء
وسيعني هذا التغيير في النهج بالضرورة المزيد من القوات الأميركية والقوات المتحالفة ذات القدرات الأكثر تقدما والمتمركزة بشكل دائم في أوروبا الشرقية، لاسيما في بولندا ودول البلطيق ورومانيا. ومع ذلك، ونظرا إلى أن القوات والقدرات الأميركية تشكل المحور الرئيسي، فإن الحلفاء الأوروبيين بما في ذلك فنلندا والسويد يمكنهم ويجب عليهم تحمل جزء أكبر من عبء حماية الجناح الشرقي لحلف الناتو
في المقابل يحذر فريق آخر من المراقبين من خطورة التمادي في إضعاف روسيا والدفع نحو هزيمتها في الحرب على أوكرانيا
ويقول الباحث الأميركي تيد جالينوس كاربنتر، أحد كبار الزملاء في دراسات السياسة الدفاعية والخارجية في معهد كاتو، إن المحللين والنقاد في الولايات المتحدة وأوروبا يشعرون بتفاؤل متزايد بأن أوكرانيا يمكن أن تنتصر في حربها ضد روسيا. كما أنهم يحثون إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على زيادة تدفق المعدات العسكرية إلى كييف لزيادة فرص أوكرانيا في الانتصار
سيكون للجهود المبذولة لفطم أوروبا عن إمدادات الطاقة الروسية تأثير كبير على الاقتصاد الروسي بمرور الوقت
ويرى كاربنتر في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية أن الأمر الأكثر إثارة للقلق من المشاعر المتشددة المتهورة من النقاد المتعجرفين هو أن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين يتحدثون أيضا علنا عن مساعدة أوكرانيا على الفوز في حربها وإلحاق هزيمة مهينة بروسيا
ويضيف أن ما يبدو أن هؤلاء الأشخاص لا يفهمونه هو أن أوكرانيا مصلحة أمنية روسية حيوية، ومن المرجح أن يفعل الكرملين كل ما هو ضروري، ربما حتى استخدام الأسلحة النووية التكتيكية لمنع الهزيمة. وتسبب الفشل في فهم مدى أهمية أوكرانيا بالنسبة إلى روسيا في تجاهل القادة الغربيين لتحذيرات موسكو على مدى أكثر من عقد من الزمان من جعل كييف عضوا في حلف شمال الأطلسي أو حليفا عسكريا غير رسمي. وللسبب نفسه، يبدو أنهم يرتكبون خطأ أكثر خطورة من خلال تجاهل تحذيرات الكرملين الأخيرة بشأن العواقب الوخيمة إذا استخدم حلف شمال الأطلسي أوكرانيا كساحة في حرب بالوكالة ضد روسيا
وتحتل أوكرانيا أهمية بالنسبة إلى روسيا مماثلة لأهمية كندا أو المكسيك للولايات المتحدة. وإن منع أوكرانيا من أن تصير قطعة شطرنج عسكرية لحلف شمال الأطلسي هو أكثر المصالح الحيوية أهمية للقادة الروس. وكلما اقتربت موسكو من التعرض للهزيمة في حرب أوكرانيا، زاد احتمال أن يفعل الكرملين كل ما هو ضروري، وأن يتحمل أي مخاطر ضرورية لمنع مثل هذه النتيجة. ويخلص كاربنتر إلى أن دعاة مساعدة أوكرانيا على تحقيق النصر وبالتالي إذلال روسيا يستثيرون معركة ملحمية لنهاية العالم.