الجزء التاسع مع معاذ بن جبل الأنصاري

الدكرورى يكتب عن معاذ بن جبل الأنصاري ” جزء 9″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء التاسع مع معاذ بن جبل الأنصاري، وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “ستهاجرون إلى الشام، فيفتح لكم، ويكون فيه داء، كالدمل أو كالوخزة يأخذ بمراق الرجل، فيشهد أو فيستشهد الله بكم أنفسكم، ويزكي بها أعمالكم ” اللهم إن كنت تعلم أن معاذا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطه هو وأهل بيته الحظ الأوفر منه، فأصابهم الطاعون، فلم يبق منهم أحد، فطعن في أصبعه السبابة، فكان يقول ما يسرني أن لي بها حمر النعم ” وعن عروة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، استخلف معاذ بن جبل على مكة حين خرج إلى حنين، وأمره أن يعلمهم القرآن والدين.

وعن ابن عمر رضى الله عنهما، قال مر عمر بن الخطاب بمعاذ وهو يبكي، فقال ما يبكيك ؟ قال معاذ، حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “إن أدنى الرياء شرك، وأحب العبيد إلى الله الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يعرفوا، أولئك مصابيح العلم وأئمة الهدى” رواه الحاكم، وعن ابن غنم قال سمعت أبا عبيدة وعبادة بن الصامت يقولان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “معاذ بن جبل أعلم الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين، وإن الله يباهي به الملائكة” رواه الحاكم، وقد تمنى معاذ بن جبل أن يصاب بالطاعون ورأى فيه الشهادة فقال “اللهم أدخل على معاذ وأهل بيته من هذه الرحمة”

فلم يكن يرى في المرض ابتلاء وكان رضي الله عنه نافذ البصيرة بحيث توقع الفرقة والإختلاف وهذا هو البلاء عنده، فاستجاب الله تعالى لدعائه فتوفي ولداه وزوجتاه بالطاعون أما هو فبدأ الطاعون بإصبعه فقال “اللهم إنها صغيرة فبارك فيها، فإنك تبارك في الصغير” فاشتد به المرض فكان في سكرات الموت يقول “رب اخنقني خنقتك فوعزتك إنك لتعلم أن قلبي يحبك” فانتشر المرض في جسده حتى توفي سنة ثماني عشر للهجرة وكان عمره ثمان وثلاثين سنة، ولما مات أبو عبيدة في طاعون عمواس واستخلف معاذ بن جبل ليصلي بالناس ويقود الجيش، وقف معاذ بن جبل فقال.

“يا أيها الناس توبوا إلى الله من ذنوبكم، فأيما عبد يلقى الله تعالى تائبا من ذنبه إلا كان على الله حقا أن يغفر له، من كان عليه دين فليقضه، فإن العبد مرتهن بدينه، ومن أصبح منكم مهاجرا أخاه فليلقه فليصالحه، ولا ينبغي لمسلم أن يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام، أيها المسلمون قد فجعتم برجل ما أزعم أني رأيت عبدا أبر صدرا ولا أبعد من الغائلة ولا أشد حبا للعامة ولا أنصح منه، فترحموا عليه واحضروا الصلاة عليه” وقد ذكر ابن هشام معاذ بن جبل رضى الله عنه في السيرة أن عمرو بن الجموح قبل أن يسلم كان له صنم في داره من خشب يقال له مناة، فلما أسلم فتيان بني سلمة، ومنهم معاذ بن جبل، جعلوا يدخلون على صنم عمرو فيأخذونه ويطرحونه في بعض حفر بني سلمة.

وفيها قاذورات الناس وأوساخهم منكسا على رأسه، فإذا أصبح عمرو قال ويلكم من عدا على آلهتنا هذه الليلة ؟ ثم يغدو يلتمسه حتى إذا وجده غسله وطهّره وطيّبه، ثم قال أما والله لو أعلم من فعل هذا بك لأخزينه، فإذا أمسى ونام عمرو عدوا عليه، ففعلوا به مثل ذلك، فيغدوا فيجده بمثل ما كان فيه من الأذى، فيغسله ويطهره ويطيبه، ثم يعدون عليه إذا أمسى فيفعلون به كما فعلوا ، فلما أكثروا عليه استخرجه من حيث القوة يوميا، فغسله وطهره وطيبه، ثم جاء بسيفه فعلقه عليه ثم قال إني والله ما أعلم من يصنع بك ما ترى، فإن كان فيك خير فامتنع، فهذا السيف معك، فلما أمسى ونام عمرو عليه، أخذوا السيف من عنقه ثم أخذوا كلبا ميتا فقرنوه به بحبل.