الجزء العاشر مع معاذ بن جبل الأنصاري

الدكرورى يكتب عن معاذ بن جبل الأنصاري ” جزء 10″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع معاذ بن جبل الأنصاري، ثم ألقوه ببئر من آبار بني سلمة، فيها براز الناس، ثم غدا عمرو بن الجموح فلم يجده في مكانه الذي كان به، فخرج يتبعه حتى وجده في تلك البئر منكسا مقرونا بكلب ميت، فلما رآه وأبصر من شأنه، كلمه من أسلم من رجال قومه، فأسلم رضى الله عنه، وحسن إسلامه، وفى النهاية فقد مات معاذ بن جبل، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه، فيقول أيتها النفس الطيبة.

وفي رواية المطمئنة، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط فذلك قوله تعالى فى سورة الأنعام ” توفته رسلنا وهم لا يفرطون” رحم الله الصحابى الجليل معاذ بن جبل وجازاه عن الإسلام وعن المسلمين خير الجزاء، إن حب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هو أن تترجمه الأفعال والأعمال باتباع هديه الكريم صلى الله عليه وسلم، وتطبيق سنته الشريفة والدفاع عنه صلى الله عليه وسلم، ضد أي مساس به أو تطاول على شخصه الكريم صلى الله عليه وسلم، وسيرته العطرة الطيبة، ولنا الأسوة الحسنة في صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.

فقد دربوا أروع الأمثلة في ترجمة حبهم لنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، بصور أذهلت المشركين والمؤرخين عبر العصور، وإنهم رضوان الله عليهم، قد فهموا ووعوا وأدركوا معنى قول الله عز وجل فى كتابة الكريم فى سورة آل عمران “قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يحببكم الله” ولقد عُذب أبو بكر الصديق رضي الله عنه في مكة حتى حمله قومه بنو تميم إلى بيته، ولا يشكون في موته، فتكلم رضى الله عنه آخر النهار فقال ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولم يطمئن باله حتى ذهب، يُهادى بين اثنين، إلى دار الأرقم، ليراه بنفسه، وكثيرا ما نقرأ عن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، أنهم كانوا يخاطبونه، صلى الله عليه وسلم، فداك أبي وأمي يا رسول الله.

ففي غزوة بدر نجد الصحابي سواد بن غزية رضي الله عنه فنحس برعشة تهز أبداننا فقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوّى الصف وفي يده قدح فمرّ بسواد وهو بارز عن الصف فطعنه في بطنه بالقدح فقال سواد، لقد أوجعتني يا رسول الله، وقد بعثك الله بالحق فدعني أقتص منك، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن بطنه، ليمكنه من القصاص، فاعتنقه سواد فقبّل بطنه، وعندما سأله النبى صلى الله عليه وسلم لما فعل ذلك؟ فقال يا رسول الله، حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر عهدي بك أن يمس جلدي جلدك يا رسول الله، وفي صلح الحديبية جاء عروة بن مسعود وكان على الشرك، يفاوض النبي صلى الله عليه وسلم، على العودة عن دخول مكة، ثم رجع إلى أصحابه.

فقال لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله ما رأيت ملكا قَط يعظمه أصحابه مثلما يعظم أصحاب محمد محمدا، وفي أواخر غزوة أحد قال النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه ” من رجل ينظر ما فعل سعد بن الربيع، أفي الأحياء هو أم في الأموات؟ فقام رجل من الأنصار ونظر فإذا سعد جريح وبه رمق، فقال له، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر أفي الأحياء أنت أم في الأموات؟ قال أنا في الأموات، فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام وقل له إن سعدا يقول لك جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته، وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم إن سعدا يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم ولكم عين تطرف.

فقال الأنصاري، فلم أبرح حتى مات، أرأيتم كل هذا الحب الذي يملك قلوب الصحابة الكرام، إنه حبهم للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وهكذا كان الصحابة الكرام فإن أولى ما قد ينظر فيه طالب العلم، في الإسلام كتاب الله تعالى، وهدى النبى صلى الله عليه وسلم، ثم تؤخذ الدروس من سيرة أصحابه الكرام رضي الله عنهم أجمعين، وقد أثنى الله تعالى في قرآنه على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيهم في سورة الفتح “محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا، سيماهم فى وجوههم من أثر السجود” وقد جاء مما روي في الحديث الحسن “إن الله تعالى اطلع في قلوب العباد، فاختار محمدا صلى الله عليه وسلم، فبعثه برسالته، وانتجبه بعلمه، ثم نظر في قلوب الناسِ بعد، فاختار له أصحابا، فجعلهم أنصار دينه، ووزراء نبيِه”